بيسان طيواكبت قناة «الجزيرة» الذكرى العاشرة لتحرير الجنوب اللبناني، من خلال بث الفيلم الوثائقي «أيام بلون الورد» للمخرج بلال خريس. وقد بدأ عرض الشريط على قناتَي «الجزيرة الوثائقية»، و«الجزيرة الإنكليزية». بموزاة العرض الفضائي، كانت بعض ملامح قبول الفيلم تظهر من خلال مجموعة مخصصة له على موقع «فايسبوك». خلال أقل من يومين، فاق عدد المنتسبين 800 شخص. ولكن قبل أن تنطلق النقاشات حول الشريط، جاءت المفاجأة من حيث لا يتوقعها أحد: أغلقت إدارة «فايسبوك» من دون سابق إنذار، حساب خريس في الموقع.
تفيد المراسلات بين المخرج وإدارة الموقع بأن عملية الإقفال ليست مجرد خطأ تقني، بل فعل متعمد، إذ اعتبر الموقع أن خريس يقوم بعمل دعائي (!)، رغم تأكيد المخرج التزامه بقوانين الموقع. وكان الرد على رسالته بأن الحكم مبرم، ولن يُفتح الحساب الذي أُقفل، وأن في الأسباب الداعية إلى ذلك، أموراً أمنية لم تُفسَّر.
ما هي هذه الأمور الأمنية؟ وما هو العمل الإعلاني الذي قام به المخرج، في موقع يعتبر أبرز وسيلة تواصل وتفاعل وترويج عبر العالم كله؟ سؤالان لا إجابة واضحة ومحددة لهما بعد.
قرار إدارة «فايسبوك» ضد مخرج الفيلم يثير أسئلة عن مدى صدقية البروباغاندا التي رافقت ولادة الموقع باعتباره فسحة افتراضية تساوي بين المشتركين فيها، وتحترم حرية التعبير. إلى جانب سؤال ملح آخر عن سياسة الموقع الإلكتروني الأكثر شعبية تجاه الإنتاجات الثقافية والإعلامية التي تتناول الصراع مع إسرائيل. أما الكلام عن «البعد الإعلاني» أو الترويجي، فإنه مستغرب. إذ إن «فايسبوك» استعُمِل لنشاطات إعلانية وترويجية لحملات ومنتجات تتنوع هويتها وأهدافها، فلماذا ضاق الموقع بنشاط خريس؟
كما أن هذا القرار أثار غضب المنتسبين لمجموعة الفيلم، وهو ما يبدو واضحاً من خلال التعليقات المكتوبة في صفحات المنتسبين. واحتلّت هذه التعليقات مكان النقاش الذي كان يجب أن يُثار حول الفيلم نفسه، باعتباره يناقش قضية مهمة في تاريخ المقاومة العربية.

بلال خريس صاحب «أيام بلون الورد» تهمته «الترويج»

في «أيام بلون الورد»، يزاوج خريس بين أدوات الصحافي وما تسمح به الكاميرا من قراءات خاصة مع إصرار المخرج على الابتعاد عن الكادرات التقليدية. العمل يحمل ابتداءً من عنوانه موقفاً مناصراً للتحرير. كما يؤرخ خريس بلغة بصرية لما شهدته بلدات الجنوب وقراه قبل عقد، ويستعيد الذكريات مع من قاوموا، وساندوا، ومن بقوا في الأرض، ومن أرّخوا للتحرير بكاميراتهم. هكذا يذهب إلى معتقل الخيام المهدم ويعيد تركيب الصورة، كأن الزمن لم يمحُ شيئاً، كأن الكاميرا وما تؤرشفه أقوى من فعل تدمير المعتقل. ثم يذهب إلى «الضفة الأخرى» فيقابل قائداً عسكرياً في ميليشيا أنطوان لحد، وفتاة تنتظر عودة شقيقها الذي فرّ مع العملاء، تنطفئ شمعتها وحيدة على الطاولة، لتُضاء شموع عائلة تعيش الفرح بفعل التحرير. هكذا عشنا التحرير، هكذا صوّرناه، هكذا هرب العملاء، هذا ما حدث بعد الانسحاب الإسرائيلي. بهذه العبارات، يمكن اختصار الفيلم الذي شاركت شخصياته بصناعة السيناريو.