لعنة الفراعنة تلاحق عبده خال محمد خير
ترى هل سيُمنع عبده خال من دخول مصر حقاً؟ هل تسحب روايته «ترمي بشرر» (دار الجمل ـــــ بيروت/ بغداد) الفائزة بـ«بوكر العربيّة ـــــ 2010»؟ وهل يتوقّف إنتاج المسلسل المأخوذ عنها؟ يصعب تصديق أن صفحتين في رواية صنعتا كل هذه الدراما! ربما لصلته الوثيقة بكلا العالمين ـــــ الفن والأدب ـــــ كان للسيناريست والكاتب الساخر بلال فضل سبق تفجير القضية على شاشة «دريم». الملحن المصري محمد رحيم قدّم بلاغاً إلى النائب العام المصري ضد الروائي السعودي عبده خال، يتّهمه فيه بالتشهير به في آخر كتبه «ترمي بشرر». يمنح العمل إحدى شخصياته اسم «الموسيقار محمد رحيم»، ويتهمه بممارسة «القوادة الفنية، وبتبنّي ساقطة اسمها ليالي». لكنَّ المعركة القضائية لا تدور بين بلدين أو بين أديب وفنان فحسب، بل بين عالمين مختلفين. المفارقة المضحكة المبكية هي أنّ أهل الثقافة اتهموا الملحن المصري بمحاولة كسب الشهرة على حساب رواية بوكر 2010. وفي الوقت ذاته، كان يتساءل جمهور الغناء الشبابي من عشاق رحيم: من هو عبده خال؟
كان برنامج «عصير الكتب» على شاشة «دريم» لا يزال في حلقاته الأولى، عندما فجّر مقدّمه بلال فاضل الأزمة، وسرعان ما التقطتها الصحافة. نقل البرنامج «معركة البوكر» إلى مستوى جديد. فالرواية التي خاضت مراحل التصفيات وصولاً إلى الجائزة، لم تجد بين القراء من يلتفت إلى اسم الموسيقي المصري بين قرّائها أو أعضاء لجنة تحكيمها. رحيم بدوره لم يكن ليسمع بالرواية ولا بـ«بوكر» لولا أن أعلمته الصحافة بوجود رواية سعوديّة «تسبّه في شرفه»، فهدّد بسجن صاحبها.
هل يبحث رحيم عن الشهرة؟ لا تتلخص الإجابة عن هذا السؤال في بحث بسيط على الشبكة، لاكتشاف الشعبية الهائلة للملحن المصري. لطالما عدّ النقّاد رحيم أحد أكثر الملحنين موهبةً في سوق الغناء. بعض أعماله من أشهر ما غنّى نجوم الصف الأول، ومنها على سبيل المثال أغنيات «الفرحة» لمحمد منير، «صبري قليل» لشيرين عبد الوهاب، و«وحكايتك إيه» لعمرو دياب، و«ابن الجيران» لنانسي عجرم، «أجمل إحساس في الكون» لإليسا، و«الليالي» لنوال الزغبي وغيرها. أعمال وضع نجاحها الكبير صاحبها على رأس قائمة أغلى الملحنين أجراً. هكذا، لم يفهم أن يرد اسمه في الرواية عن طريق الخطأ أو السهو كما حصل في الصفحتين 398، 399 من «ترمي بشرر». ومما ورد في الرواية أنّ «الموسيقار محمد رحيم» استقبل فتاة شاعرة، وأوهمها بأنها تمتلك صوتاً رخيماً، «وإزاء نفخه الدائم في مواهبها، لم تكن تمانع في اصطحابه إلى أيّ مكان حتى ولو إلى جهنّم. فاصطحبها في سهراته الخاصة، لتتعلّم فنون الاستلقاء على الفراش».

كلٌّ منهما اكتسب شهرة فوق ملعب الآخر

أيّاً يكن الطرف المحقّ، فإن كلّاً منهما كسب كثيراً من الشهرة فوق أراضي الآخر. ولم يكن غريباً أن يقبل أحد «أشهر» محامي مصر، وهو المستشار مرتضى منصور، أن يكون وكيل محمد رحيم. منصور ـــــ وهو الرئيس السابق لنادي الزمالك ـــــ معروف ببراعته في استكشاف ثغر القانون. فهو لم يكتف ببدء مقاضاة رحيم في مصر والسعودية، بل اتخذ إجراءات مقاضاة «جائزة بوكر العربيّة» نفسها، كي توقف ترجمة الرواية الفائزة، ولوقف توزيعها وسحب نسخها من الأسواق. أمّا «إجراءات» عبده خال، فاقتصرت على تصريحاته الحذرة التي تركت علاج المسألة برمتها للقضاء، في الوقت الذي تردّد فيه أنه امتنع عن زيارة كانت مقرّرة للعاصمة المصرية.
لا بد أنّ «لعنة الفراعنة» تطارد خال كما تندّر بعضهم. فبعد الهجوم المصري الشديد على «بوكر» في دورتها الأخيرة، واستقالة العضوة المصرية شيرين أبو النجا من لجنة التحكيم، سمعنا تشكيكاً في «أحقيّة خال بالجائزة ولامنطقيّة فوزه بها، في ظل وجود روايتين مصريتين في القائمة القصيرة». وها هي القاهرة تطارد الروائي السعودي من جديد. حتّى إنّ محمد رحيم توعّد بتعطيل المسلسل الذي ستنتجه قناة «روتانا خليجية»، انطلاقاً من الرواية، ليعرض في رمضان 2011. فهل ينجح رحيم في تعطيل المسلسل؟ بانتظار أن يحسم الأمر، يمكن الاكتفاء بتأمّل أحداث تلك الخصومة العجيبة، ففيها تسلية قد تفوق المسلسل والرواية معاً.