أبو ظبي ــ بشير صفيرهذا المساء، قد يشهد مهرجان أبو ظبي حدثاً تاريخياً في ختامه. كولِن دايفس (1927) سيقود أوركسترا لندن السيمفونية في أمسية قيل إنها الأخيرة في مسيرته. القائد «الختيار» أنهكته سنون حافلة بتسجيلات طاولت أبرز مقطوعات ريبرتوار الموسيقى الكلاسيكية. خلال الأيّام الأخيرة من المهرجان، تضمّن البرنامج أمسيات متفاوتة المستوى والأهميّة. عازفة القانون الأرمنية هاسميك ليلويان قدّمت مع فرقتها أمسية مساء السبت، تمثّل باختصار مدخلاً سهلاً للمبتدئين في الموسيقى الكلاسيكية. البرنامج حوى الخفيف الذي خُفِّف أيضاً عبر اجتزائه أو توليفه، أي تبسيطه (ما يُعرف بالـCross Over)، إضافة إلى بعض المقطوعات الإثنية. تكونت الفرقة من رباعي وتريات كلاسيكي (كمانان، فيولا، تشيلو) وأضيف إليه كونترباص وبيانو. تركيبة لا بأس بها، غير أن القانون ـــــ رغم مهارات هاسميك ــــ جاء نافراً هنا ومقبولاً هناك. لكن النقطة الأهم هي صعوبة الاستماع إلى هذه الآلة لمدة طويلة، من دون أن تمرّ، ولو عرضاً، على مسافة ربع الصوت.

أمسية نصير شمة لم تأتِ على مستوى التوقعات
مساء الأحد، كان الموعد مع نصير شمة ترافقه «الجمعية الفلهارمونية المصرية» بقيادة أحمد الصعيدي. طبعاً الأمسية مغرية في الشكل، لكن المضمون لم يأتِ على مستوى التوقعات. شمّة أنجز مهمته تأليفاً وأداءً (رغم بعض الإسهاب في المسألة التقنية البحتة). إلا أن الملاحظة تطال وصف الأوركسترا (وهي جيدة بالمناسبة) بـ«فلهارمونية»، فهي مكوّنة من 40 موسيقيّاً، ولا تتعدى كونها أوركسترا حجرة، أي بفارق درجتَيْن عن شكلها الفعليّ. هذه ليست المشكلة الأكبر، لو لم يتخلل الريبرتوار عملان يحتاجان حكماً إلى أوركسترا فلهارمونية، هما افتتاحيّتا المؤلفين سوبيه وروسيني (الثانية أعدها للعود والأوركسترا عقيل عبد السلام). هذا إذا استثنينا السيمفونية الأولى لبيتهوفن (بما أنها «موزارية» البُنيَة) التي تحوي امتحاناً في مطلعها، سقط فيه القائد المصري (يتخللها دخول متكرِّر صعب الأداء بفعل مساحات الصمت).
كنا قد أشرنا سابقاً إلى إعداد شمة للكابريس الرقم 24 لباغانيني، وذلك استناداً إلى ما زودنا به المنظمون، لكننا عرفنا لاحقاً أنه لعقيل عبد السلام. لا شيء لافتاً في هذا التوليف، ولو تخللته بعض اللحظات القوية جداً. غير أن شمّة الذي لا يبدو راضياً عن هذه الصورة، يتطلع إلى إعداد خاص يرضي ولعه بهذا العمل. قال لـ«الأخبار» إنه لا يعمل فقط على هذا الكابريس، بل على المصنف الرقم 1 الكامل (Op. 1) الذي يحوي كابريسات باغانيني الـ24. سيقدمها نصير على عوده منفرداً، وبالتالي سيقترب ممّا قام به إليوت فيسك على الغيتار، رغم فارق الصعوبة بين الآلتين لمصلحة الأولى في هذه المهمة.