ليال حدادفي السابعة من مساء الجمعة الماضي، تبلّغت OTV الخبر: انفجار في منطقة قناطر زبيدة الأثرية، الفاصلة بين المنصورية والحازمية (شمالي بيروت). وبما أنّ مكاتب المحطة قريبة من مكان الحادث الذي نتج من انفجار قارورة غاز، كان فريق عملها المؤلّف من علي الغريب، وجاك مصبنجي أوّل الواصلين إلى المنطقة.
لكنّ تغطية الحدث لم تكن سهلة. فور وصولهما إلى المنطقة، فوجئ الغريب ومصبنجي بوجود أعضاء من شرطة البلدية. وما إن رأى هؤلاء الكاميرا، حتى أبلغوا فريق المحطة، بقرار منع التصوير. ورغم محاولة الغريب التفاهم معهم، إلا أنهم أصرّوا على موقفهم.
غير أنّ الأمور توتّرت أكثر، حين علم أفراد الشرطة أن الكاميرا تعود إلى «أو. تي في». وبدأ التشابك بالأيادي، كما يقول علي الغريب لـ«الأخبار». ويضيف أنّ أعضاء من الشرطة اتهموا القناة بأنّ همها الأوّل هو تصوير الدماء والانفجارات، لا تغطية الخبر! ولم تقف الأمور عند هذا الحدّ، إذ «رفع أحد الشرطيين مسدّسه بوجهنا» يقول الغريب. ولعلّ اللافت في الموضوع هو وقوف قوى الأمن الداخلي موقف المتفرِّج على الاعتداء وفق الغريب الذي قال: «قوى الأمن كانت موجودة في مكان الحادثة، لكنّها لم تقم بأي محاولة لتهدئة الخلاف، أو منع شرطة البلدية من الاعتداء على فريق المحطة».
أمام هذا التهديد، اختار الغريب ومصبنجي الانسحاب والعودة إلى المحطة، مع شريط سجّل الخلاف بحذافيره، من دون التمكّن من التقاط صور واضحة بسبب «الاعتداء المتكرّر على الكاميرا».
طبعاً عرضت OTV هذا التسجيل، في نشرتها المسائية، أول من أمس، وحاولت كذلك التحقّق من أسباب منع المحطة من التصوير، فاستقصت آراء بعض أبناء المنطقة. وأكّد أحد هؤلاء أنّ السبب يعود إلى محاولات التغطية على عملية تدمير الآثار في المنطقة «هناك قناة فينيقية تعود إلى العصر الروماني في منطقة قناطر زبيدي (...) وتدخل هذه القناة في قلب الصخر». وأضاف المواطن أنّ الحفريات في المنطقة تلحق الضرر بالقناة. لكن الحقيقة تبدو في مكان آخر. هذه الحفرية تجري بالتنسيق مع مديرية الآثار، في وزارة الثقافة، وهدفها التنقيب عن الآثار والحفاظ عليها، بتمويل من بلدية الحازمية. لكن استبعاد هذه الفرضية لا يلغي أسئلة عدّة عن الأزمة التي سببتها هذه الحفرية بعد قطع الطريق التي أمامها، واضطرار المواطنين إلى سلوك طريق أطول للوصول إلى منازلهم. كذلك فإنّ الإنفجار أدّى إلى سقوط أربعة جرحى، وهو ما منعت القناة من إظهاره. كذلك فإنّ البعض يرون أنّ خلفية الإشكال سياسية، بما أنّ رئيس بلدية الحازمية جان الأسمر محسوب على فريق 14 آذار.
وسط كلّ هذه الفرضيات، تبقى الحقيقة واحدة، هي أنّ حرية الإعلام بخطر، في ظلّ غياب أي قانون يحمي الصحافيين وتلكؤ الجسم النقابي في الدفاع عنهم لمواجهة السلطة المالية والسياسية.