زينب مرعيعلى صورة الغوريلات الضخمة، ولدت فرقة Gorillaz الموسيقيّة. أعضاؤها لا يشبهون ما تروّج له شركات الإنتاج الكبرى. بل إنّ الفرقة أساساً موجّهة ضدّ الصورة المنمّطة والملمّعة للفنانين.
أعضاء الفرقة دابل دي، راسل، موردوك نيكالز ونودلز، أصدروا أخيراً ألبومهم الثالث Plastic Beach بعد ثلاث سنوات من الانتظار. غير أنّ هؤلاء الأربعة ليسوا أشخاصاً عاديين، بل هم شخصيّات كرتونيّة في فرقة افتراضيّة، ابتكرها عام 1998 في لحظة ملل، المغنّي في فرقة «بلور» البريطانيّة دايمون ألبرن، ورسّام القصص المصوّرة جايمي هيوليت الذي اشتهر برسمه قصص Tank Girl. لاحقاً، اتضّح للثنائي ألبرن وهيوليت أنّ تلك اللحظة تمخّضت عن أعظم مشروع لهما.
فكرة الفرقة الكرتونيّة ظهرت لأول مرّة عام 1959، مع «آلفن والسناجب»، تبعتها في الستينيّات ثم التسعينيّات محاولات في هذا المجال لفرق أخرى أيضاً. لكن Gorillaz، هي أوّل فرقة كرتونيّة افتراضية تنجح في التحوّل إلى واقع إبداعي، صنّفها كتاب «غينيس» للأرقام القياسية عام 2001، كأنجح فرقة افتراضيّة.
لا شكّ في أنّ تفوّق الفرقة على سابقاتها يتعلق بتطوّر التكنولوجيا إلى حدّ كبير. هذا النوع من الأفكار لا ينمو أو يتطوّر إلاّ في محيط يساعده. «خالقا» Gorillaz والكثير من النقّاد الموسيقيين، ينظرون إليها كتجربة تتبلور وتتطوّر مع الوقت، ويراقبون إلى أيّ حدّ يمكن أن يذهب هذا «المشروع».
خلال السنوات الأولى من إنشائها، كانت شخصيات الفرقة الأربع تكتفي بالحفلات، تحدّي الفرقة الأكبر. وكانت تكتفي بالظهور الخلفي على المسرح عبر شاشات كبيرة تبثّ صوراً لها، بينما يحتلّ المشهد الأمامي ألبرن (صوت دابل دي، المغنّي الأساسي في الفرقة). لكن في عام 2006 نجحت الشخصيّات الكرتونيّة بالوقوف وحدها على المسرح، ودفعت بألبرن إلى الموقع الخلفي عبر التقنيّة الثلاثية الأبعاد، فظهروا كـ«هولوغرام» على المسرح.
مع ذلك، لا تزال تواجه الفرقة مشاكل كثيرة من ناحية العرض الحيّ. بغضّ النظر عن مشكلة الأموال الطائلة التي تُنفق على الموضوع، هم لم ينجحوا حتى الآن في إنهاء حفلة. دائماً ما تشتعل ماكينة ما مع اقتراب نهاية الحفلة. إلاّ أنّ التكنولوجيا ليست السبب الوحيد الذي صنع هذه الفرقة. السبب في نجاح Gorillaz، هو قدرة العقلين المدبرّين وراءها على بعث الحياة في هذه الشخصيات، من خلال خلق القصة بشكل موازٍ للموسيقى.
هكذا ابتدع الثنائي شخصيّات مجنونة وغريبة. لا تشبهنا كثيراً، إلاّ أنّك تتعلّق بقصصها التي تتداخل في تأليفها ثقافات مختلفة مع الميثولوجيا و«الكوميديا السوداء». دابل دي، المغنّي الأساسي في الفرقة، لا يشبه أي «ديفا». عيناه اقتُلعتا في حادثين تسبب بهما صديقه موردوك. وفقد سنّيه الأماميّتين، وهو منعدم الذكاء تماماً كباقي أفراد الفرقة، ما عدا موردوك (لاعب البايس) وهو فار من العدالة، وصاحب المخيّلة الخصبة في الفرقة. راسل الأميركي (على الدرامز) ملاحق من الشياطين ومدمن «كزانكس»، والفتاة اليابانيّة نودلز (على الغيتار) فاقدة للذاكرة.
تعيش الشخصيات الأربع في استديو «كونغ» الذي لا يقلّ «افتراضيّة» عن الشخصيات ويمكن متابعة أخبارهم على موقع الفرقة الإلكتروني. وصدرت سيرتهم الذاتيّة في كتاب «Rise of the ogre» عام 2006. الفرقة التي تمثّل حقلاً للتجربة التكنولوجيّة، هي أيضاً كذلك من ناحية الغرافيكس والموسيقى. الغرافيكس مزيج من الثقافة اليابانيّة والمكسيكيّة، وأفلام الرعب. لكن Gorillaz كانت أيضاً بمثابة «طاقية الإخفاء» التي يحتاج إليها ألبرن ليطلق العنان لنفسه من ناحية التجارب الموسيقيّة، هو الشاب الذي ظفر بمكانة على لائحة مجلة Q الإنكليزيّة الموسيقيّة، كواحد من بين 21 موسيقياً أضافوا جديداً إلى الموسيقى.
تؤدّي Gorillaz الروك البديل، لكن موسيقاها تغتني بمشاركة عدد كبير من الفنانين المكرّسين والشباب في مختبر ألبرن. تتنوّع من الروك إلى الهيب هوب، البوب والموسيقى الإلكترونية واللاتينيّة. وأخيراً كان لـ«الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية»، مساهمة في ألبوم الفرقة الأخير.
 www.gorillaz.com