ماتيلد مونييه لا تريد للحركة أن تنتهي


«مهرجان بيروت للرقص المعاصر» في طبعته السادسة، يكرّس علاقته العضويّة بالعاصمة، ويقترح جولة بانورامية على توجهات المسرح الراقص في أوروبا. لكن أين العرب؟

سناء الخوري
من «مسرح المدينة» إلى «مسرح بيروت»، ومن «بابل» إلى «مونو»... فضاءات العاصمة ستُشغل بدءاً من مساء اليوم بعروض «مهرجان بيروت للرقص المعاصر». خلال السنوات الماضية، راكم Bipod تجربةً جعلته تظاهرة مدينيّة بامتياز. يكفي أنّ نتذكّر زحمة الوافدين إلى عروضه العام الماضي، ليصبح سؤالنا مشروعاً: ألا يتجه المهرجان نحو تكريس علاقة متينة بين زوايا المثلث الحيوي: الفضاءات الثقافيّة وفنون التعبير الجسدي المعاصرة والجمهور؟ الأكيد أنّ التظاهرة التي تنظّمها فرقة «مقامات» بإدارة عمر راجح، صارت محطة ثابتة في جولات فرق المسرح الراقص العالميّة. ها هي ساشا فالتز تمرّ من هنا، ومعها زميلتها الفرنسيّة ماتيلد مونييه، وقبلهما الألمانيّة هنرييتا هورن والسويسري جيل جوبان...
مونييه، مثلاً، سترفد الطبعة السادسة من المهرجان بأحدث عروضها «بافلوفا 3 دقائق و23 ثانية» (22 و23 /4 ـــــ مسرح المدينة). مديرة «مركز مونبلييه للرقص المعاصر» (فرنسا)، مرجعيّة في مجالها، دفعت حدود الحركة إلى آفاق غير مسبوقة في التفلّت والابتكار. في عرضها هذا، تتأمل لحظة الموت، عبر التنويع على باليه «موت البجعة» الذي صمّمه الروسي ميخائيل فوكين عام 1907 للراقصة الأسطورة آنا بافلوفا. الدقائق الثلاث التي تؤدّي فيها الراقصة الروسيّة «حركة لا تريد أن تنتهي»، ألهمت المصمّمة الفرنسيّة عرضاً يغرق في التجريب والتأمل في سؤال «كيف نرقص النهاية؟».
تأتي مشاركة مونييه وفالتز هذا العام كمحطة مفصلية في تجربة شبكة «مساحات» التي تضمّ إلى جانب «مقامات» (لبنان)، «سريّة رام الله الأولى» (فلسطين) و«تنوين للرقص المسرحي» (سوريا) و«المركز الوطني للثقافة والفنون الأدائيّة ـــــ مؤسسة الملك الحسين» (الأردن). هكذا، ستجول بعض الفرق القادمة إلى المهرجان اللبناني على التظاهرات الموازية له في فلسطين وعمان ودمشق، وتختتمها بيروت في 2 أيار (مايو) المقبل، على أن تستمرّ في رام الله حتّى الثامن منه.
11 عرضاً ستحتضنها المسارح البيروتيّة الأربعة إذاً، في برنامج تطغى عليه الصبغة الأوروبيّة، ويراوح بين أقصى التجريب مع فرقة لا ريبو (إسبانيا/ سويسرا ـــــ 24 /4 ـــــ المدينة)، والرقص الخام على طريقة «لينغا» (سويسرا). هذه الأخيرة تشتغل على أسر عين المتلقّي بانسيابيّة الحركة، مع مصمّمين خرجا من صلب باليه موريس بيجار منتصف التسعينيات. إنّهما كاترجينا غدانييك وماركو كنتالوبو اللذان يتخذان من فرقتهما مختبراً للأبحاث الكوريغرافيّة، ويخرجان بقاموس حركي يفسّر أثر الاجتماعي والسياسي على الجسد. عرضهما «لا. شيء» (20 /4 ـــــ المدينة) نموذج مرجعي في تقنيات الاحتكاك مع أجساد تتحاور، وتتصارع، ويتلمّس بعضها البعض الآخر في الفراغ.

فيديو وورشات ومحاورات مع الضيوف يديرها نقّاد وفنانون


منطق المختبر يأخذه زميلهما السابق في مسرح بيجار، إيميو غريكو، إلى تجربة تتّسم بالتحدّي. في «واحد واثنان» (25 /4 ـــــ المدينة)، سيرقص الكوريغراف الإيطالي على مقطوعة بوليرو للموسيقي الفرنسي موريس رافيل التي ألهمت بيجار أحد أشهر عروضه. إلى جانب زميله الهولندي بيتر س. شولتن، يطلق غريكو العنان لنبضاته، معانداً الإيقاع الذي يفرضه اللحن عادةً على الراقص... وحدها لا ريبو (ماريا ريبو) تسبقه بأشواط على حلبة التجريب. في عرض Llamame mariachi (٢٤ /٤ ـــــ المدينة)، تضع الكوريغراف الإسبانيّة لغتها الساخرة والغرائبيّة والغاضبة في إطار يجمع الاستعراض والأداء والفيديو.
إلى جانب الرقص، يحتضن Bipod تجهيزات وعروضاً للفيديو الراقص، وورشات عمل للمتخصصين مع ساشا فالتز، وماركو كنتالوبو، وقائد «فرقة ويي» النروجية الإيطالي فرانشيسكو سكافيتا. كذلك سيكون الجمهور على موعد مع محاورات يديرها نقّاد وفنانون لبنانيون، مع المصممين العالميين. لقاءات قد تسهم في «فهم تجارب وخبرات هؤلاء الفنانين كما هي، من دون الاستسلام لنزعة التأويل والبحث العشوائي عن رسائل وخطابات لا تدّعيها العروض» كما يأمل عمر راجح، معوّلاً على لحظة «ما بعد العرض»، أي «حين نشعر فعلاً أنّ ثقافة مشهديّة معاصرة بدأت تترسّخ تدريجاً في أدبيات مجتمعنا المحلّي».


8:30 مساءً اليوم حتّى 2 أيار (مايو) المقبل. للاستعلام: 01/343834
www.maqamat.org