بيار أبي صعب
جميل أن يحيي أحمد قعبور أغنيات عمر الزعنّي (١٨٩٨ ــــ ١٩٦١)، كما فعل في الجامعة العربيّة قبل فترة، وهو سيعاود الكرّة مساء غد الأحد، مع عدد من زملائه، خلال الأمسية التكريميّة التي ينظّمها «نادي لكلّ الناس» لـ«فنّان الشعب». حتّى لو كان قعبور ينتمي إلى تجربة أخرى، فهناك جذور سريّة تربطه بالزعنّي: بعضها ثقافي وفنّي، وبعضها الآخر له علاقة بتاريخ هذا الأخير، ومعاركه السياسيّة والاجتماعيّة، عبر الأغنية والقصيدة.



من "كلو نضيف كلو ظريف"







لكنّ المفاجأة السعيدة، هي أن تكون فرقة «مشروع ليلى» غداً في ضيافة الفنّان البيروتي الذي لقّب بـ«موليير العرب». هذه التجربة المميّزة على خريطة الأغنية الجديدة في لبنان، تبدو ــــ خلافاً للمظاهر ــــ بين الأكثر ارتباطاً بعمر الزعنّي وفنّه. إنّها تستقي مصادرها من مراجع متنوّعة، وتنطوي في الوقت نفسه على شيء أساسي من روح عمر الزعنّي. هناك فرقة شبابيّة أخرى عرّجت على تراث الزعنّي، ضمن شغلها على إحياء الطرب القديم في قوالب الـ Trip Hop. نقصد «سوب كيلز» التي قدّمت أواسط التسعينيات، أغنية «كل شي نضيف»، بصوت ياسمين حمدان. لكن المسألة مختلفة هنا، مع «مشروع ليلى». الفرقة نفسها

هذه التجربة المميّزة على خريطة الأغنية الجديدة في لبنان، تبدو بين الأكثر ارتباطاً بعمر الزعنّي وفنّه

تنتمي إلى تلك المدرسة العريقة. أداء حامد سنّو (الصورة)، وكمان هايغ بابازيان. الوقفة على المسرح، ومكبّر الصوت، والعلاقة بالجمهور. مرح المونولوجيست، والنبرة التي تجمع بين الغنائية والسرياليّة، بين الشعريّة والسخريّة. ذلك التلاعب الجزل، في قالب ميلودي بسيط وملوّن، بالكلمات والمعاني المقطوفة من لغة كل يوم...
خالجنا هذا الشعور ونحن نستمع إلى «مشروع ليلى» للمرّة الأولى في أحد شوارع بيروت قبل عامين. عمر الزعنّي لم يكن بعيداً تلك الليلة. وكم نتمنّى أن يمضي سنّو ورفاقه أبعد في راديكاليّتهم، تيمّناً بالمعلّم الذي سخر من معاصريه بوعي نقدي اجتماعي ووطني وقومي، وتمنّى «لو كنت حصان في بيت سرسق، باكل فستق باكل بندق». وقارع الانتداب، ثم وخز بإبره الرئيس بشاره الخوري. وسخر من الأغنياء، وذاق طعم السجن والنفي. وصرخ بالعرب المنشغلين بالحجاب: «الدنيا قايمة والشعب غافل/ راحت بلادكم ما حدّ سائل/ شوفوا البلايا، شوفوا الزرايا/ والشعب قايم على الملاية»...