دمشق ــ وسام كنعان
في مقهى «الروضة» الدمشقي، يتخذ موسم الربيع شكلاً خاصاً. هنا، يُستبدل الهواء الربيعي النقي بسحب دخان السجائر والأراكيل التي ينفخ معها السوريون بعض القهر الذي تختزنه أرواحهم. وعبثاً، ظلّ «الروضة» ملجأ المثقفين وهم يستمتعون بهروب الوقت، فيتحوّلون إلى جمهور عادي يلعب النرد والورق ويستمتع بسحب الدخان. لكن أول من أمس، استيقظ الشعب السوري على يوم غير عادي، إذ طُبِّق المرسوم الجمهوري القاضي بمنع التدخين في الأماكن العامة. هكذا، تسلّحت الدوائر الرسمية بعبارات طبعت بالخط العريض على ملصقات ووزِّعت في كل مكان وكتب عليها «يمنع التدخين تطبيقاً لقرار سيادة رئيس الجمهورية»... فيما راح سائقو وسائل النقل العامة يمنّون النفس بأن القرار جاء ليساعدهم في الإقلاع عن هذه العادة السيئة.
لكن مهلاً، هناك في شارع «العابد» وبمواجهة البرلمان السوري، سيعلن مقهى «الروضة» أول حالة عصيان أكسبته جماهيريةً تفوق الوصف على مدار الساعة. هكذا، فتح المقهى أبوابه لزبائن جدد ليسوا سوى مدخّنين «مزمنين». ويرتكز عصيان المقهى على أساس متين هو إحدى مواد المرسوم التي تخوِّل أصحاب المقاهي السماح بالتدخين وتقديم الأركيلة في مكان مكشوف يفترض أن يكون جزءاً من المقهى. وهنا بيت القصيد، ما دام مقهى «الروضة» بمعظمه مكاناً مكشوفاً.
ومقابل اللافتات التي تشير إلى منع التدخين في بقية الأماكن العامة، عُلِّقت على باب المقهى عبارة تقول «نعتذر عن عدم تقديم الأركيلة لمن هم دون الثامنة عشرة». طبعاً هذا ليس بدافع الحرص على الأطفال، بل تطبيقاً للمرسوم. هكذا، دفعت هذه الجملة رواد المقهى إلى سؤال بعضهم بعضاً بسخرية عن البطاقة الشخصية التي صار اصطحابها أمراً ضرورياً لدى التفكير في ارتياد «روضة» المثقفين.