وسام كنعان
يبدو أن وفاء الكيلاني وصلت إلى طريق مسدود في اختيار مواضيع تناسب فعلاً برنامجها «بدون رقابة» على lbc. رغم أنه لم يمض وقت طويل على انطلاق البرنامج، إلا أن فريق إعداده اختار في حلقته الأخيرة نبش قصة قديمة ملّها الجمهور لكثرة ما تداولتها وسائل الإعلام: مقتل هبة ابنة ليلى غفران (الصورة). مرّ على الحادثة أكثر من سنة ونصف، ولم يصل القضاء إلى حكم مبرم في خصوصها. لذا اختارت الكيلاني أن تستضيف المغنية المصرية لإعادة إحياء الجرح القديم علناً على الشاشة، من أجل تحقيق الإثارة لا أكثر. وقد يبرّر لغفران قبولها الدعوة إلى البرنامج وجلوسها على ما يشبه كرسي الاعتراف، رغبتها في البوح بمشاعرها، ولا سيما أن «بدون رقابة» يتمتع بجماهيرية لا بأس بها. ولن تكفي الكيلاني حلقة واحدة للضغط على ألم المطربة المصرية، بل ستقدم الحلقة في جزءين، قُدِّم الجزء الأول يوم الأربعاء الماضي، وسيقدم الجزء الثاني الأربعاء المقبل، ليتحوّل البرنامج إلى قاعة محكمة من نوع آخر تتداخل فيه الآراء وتتضارب.
وبالعودة إلى حلقة الأربعاء الماضي، استضافت الإعلامية المصرية إلى جانب غفران، محامي المتهم بقتل ابنة غفران محمود العيساوي، الذي اتصلت به الكيلاني عبر الأقمار الصناعية من مصر. ولعبت كاميرا «بدون رقابة» على معاناة عائلة أخرى هي عائلة المتهم، لخلق جرعة إضافية من التشويق البوليسي والإثارة.
وقد أضافت شهادة والد العيساوي نقطة إضافية لمصلحة جهود الحلقة في استغلال معاناة الآخرين، وخصوصاً أن والد المتهم واثق ببراءة ابنه، رغم صدور حكم الإعدام في حقّه ومن ثم نقضه من قبل محاميه.
هكذا مرّت الحلقة وليلى غفران تجاهد لمنع دموعها، فيما لم تكفّ الكيلاني عن تذكيرها بأقسى اللحظات التي مرّت عليها بعد سماعها خبر مقتل ابنتها، محاولة انتزاع اعترافات بشأن الشكوك التي تساورها، وخصوصاً تلك التي تشعر بها نحو زوج ابنتها الراحلة. وبذلك، تحوّلت الحلقة إلى محاكاة عقلية لبرنامج «الشرطة في خدمة الشعب» الذي تبنّاه «التلفزيون السوري» طويلاً، أو «حكم العدالة»، برنامج «الإذاعة السورية» الشهير، إذ راح برنامج LBC يُبحر في عالم الجريمة محاولاً عبثاً بلوغ الحقيقة، علماً بأنّ الحلقة تاهت في حلقة مفرغة لا تفيد القضية بأي شيء سوى استغلالها إعلامياً على نحو مبالغ فيه.
«بدون رقابة» يفترض أنه يتنطّح إلى قضايا ينأى بها بعيداً عن أي شكل من أشكال الرقابة، لكنّ قضية تشبه قضية ابنة ليلى غفران: ربما هي بحاجة إلى رقابة ذاتية تحدّ من تحويل الجرح الإنساني بعمقه إلى مادة للإثارة والتشويق.