أليسار كرم«أرمن برج حمود» هو عنوان معرض آريان دولاكامباني الذي يحتضنه حالياً «المركز الثقافي الفرنسي»، في الذكرى الـ95 للمجازر الأرمنية. هنا، تتخذ الحياة ألوان الماضي والذكريات في صور بالأبيض والأسود. هذه الصور التقطتها الفنانة اللبنانية لسكّان منطقة برج حمود على مدى خمس سنوات. صور لبيوتهم ومحالهم الحرفية، وفي بيئتهم العائلية، وكذلك في مخيّم سنجق «الذي بات في خبر كان، بعدما استولى عليه أصحاب المشاريع العقارية ودمّروا القسم الأكبر منه».
ما بقي من العمر في بيوت فارغة إلا من الذكريات
حرصت آريان على تصوير الجيل الأول الذي أسّس برج حمود. ولم تتردد في الدخول إلى العمق من دون أن تفتعل أي ثرثرة مشهدية. نقلت الواقع كما هو. انتقلت من المحترفات إلى الشّارع، حيث صوّرت الشعارات الحزبية المرفوعة أو القلادات الدينية المعلّقة في أعناق الرجال والنساء. ثم توجهت إلى مخيم سنجق الذي صمد عند طرف برج حمود. صوّرت البيوت الهرمة كسكانها قبل أن تُزال نهائياً كي يقيم المستثمرون مشاريعهم الحديثة. لم ترَ آريان عيباً في تصوير العجائز يصرفون ما بقي من العمر في بيوت فارغة إلا من بعض «الطرّاحات» و«شلحات السجاد» وأيقونة المسيح ومريم. أولئك الذين كُتبت لهم النجاة من الإبادة، كانوا أول الواصلين إلى برج حمود، حيث أقاموا في خيَم للاجئين وعملوا على تنظيم أنفسهم، فحوّلوا برج حمود إلى موطن للمهن اليدوية والحرفية.
«آريان تحمي التاريخ من النسيان»، هكذا يقول والد الفنانة هاكوب آتاشيان في حديثه إلى «الأخبار». تقيم آريان دولاكامباني اليوم في الولايات المتحدة، حيث تعمل مترجمة لدى الأمم المتحدة، لكنّ أصولها الأرمنية لم تغب يوماً عن بالها. تحرّكت حماستها أكثر حين استمعت إلى شهادة امرأة أرمنية مثلت أمام الكونغرس لتروي تجربتها وتجربة أهلها مع التهجير والمعاناة إثر الاضطهاد العثماني. هنا، قرّرت آريان تأريخ تجربة «الأرمن اللبنانيين» على طريقتها. وبينما أسف بعضهم لأنّها لم تصوِّر الوجه الجديد للمدينة ببناياتها الحديثة ومراكزها التجارية الشاهقة، كان همّ آريان نقل مشاهد حياةٍ تميّز بها أرمن برج حمود، وهي حياة مهددة بالاندثار. هكذا فضّلت تعريف الناس بالأماكن التي أطاحتها الحداثة. أرادت أن تُبرز فرادة النموذج الأرمني في لبنان، إذ يعتقد كثيرون من الأرمن أنّهم لم يستطيعوا تأليف بوتقة أو مجتمع صغير يحافظ على هويتهم وخصوصيّتهم إلا في لبنان. هنا، بدأوا حياتهم من الصفر وعاشوا في فقر وبؤس، قبل أن يتمكنوا من تطوير أنفسهم والاندماج كلياً في المجتمع اللبناني. وفي هذه التجربة ما يستحق تسليط الضوء.

حتى غد الخميس ـــــ المركز الثقافي الفرنسي ـــــ للاستعلام: 01/420272