زينب مرعيبدأ حياته بالتلصّص على النساء من خلال الشقّ في قفل الباب. من خلف الأبواب، انتقل باكراً ليختبئ خلف الكاميرا، «وسيلة التلصّص الأكثر احتراماً» بالنسبة إلى جو كسرواني. جلّ ما يلتقطه هذا المصوّر والتشكيلي هو جسد المرأة، والبورتريه والضوء. مواضيعه الثلاثة تحتاج إلى رشاقة وبراعة لاقتناص لحظة الصورة المؤاتية. كسرواني لا يبحث عن الجمال أو عمّا هو ظاهر في البورتريه. هو يؤيّد قول المصوّر الألماني بيتر ليندبرغ «الجمال مملّ». لذلك يبحث عن أشياء أخرى. في صور الراقصة ميا حبيس، التي التقطها خصيصاً للمعرض الذي يقام بالتزامن مع «مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر» BIPOD في «مسرح المدينة»، أراد الفنان أن يلتقط الخفّة. ظهرت حبيس كأنها تطير في الصورتين اللّتين تكوّنان مادة المعرض.
تبدو الأجساد في أعماله كثبان رمال يتكسّر عليها الضوء
وجوه كسرواني أكثر ما يلفت فيها العيون، ونعومة التعابير. من خلالها، يرصد الجوهر بلا كلل. يرى كسرواني أنّ هناك وقتاً مقدّساً يتّصل فيه الموضوع مع الضوء والمصوّر ليكوّنوا الصورة. كما يرى أنّه باختياره الأبيض والأسود لصوره التي جمعها أخيراً في كتاب Monochromes، فإنه يسهم في الحفاظ على روح الموضوع والتخفيف من التشتّت البصري الذي قد تسبّبه الألوان. إلى جانب البورتريه، هناك مساحة كبيرة لصور العري في كتابه الذي يجمع صوراً التقطها بين 1989 و2009. على مدى عشرين سنة، لم يختلف أسلوب كسرواني في التصوير كثيراً. يعلّق: «هذا بديهي، نظرتنا إلى الأشياء تبقى واحدة مهما تقدّم بنا العمر». في فرنسا، انفتح كسرواني على الجسد. اكتشف روعته لدى مزجه مع ضوء صغير إلى جانبه. تبدو الأجساد في أعماله كثبان رمال يتكسّر عليها الضوء. يساعده الأبيض والأسود مجدداً على إظهار جوهر الجسد وإبعاد صفة الإباحيّة عنه، لكنه يظهر أيضاً تركيبه. يستكمل كسرواني لعبة الضوء والبورتريه حتى في تصويره للمساحات الخارجيّة والعمارة. المصوّر الذي درس فنّ العمارة، تبدو لديه صور العمارات كأنها صور بورتريه، فالمبنى عضوي في صوره. يركّز على الأعمدة في صوره أو الأشكال الهندسيّة في البناء التي تستكمل لعبته مع الضوء والظلال. هكذا يقضي كسرواني وقته يلاحق الضوء في الشارع، ويفتّش بين الوجوه عن بورتريهات جديدة.

حتى الثاني من أيار (مايو) ـــــ «مسرح المدينة» (الحمرا/ بيروت). للاستعلام: 01/753010