محمود عبد الغنيوقفت سيّدة تطلب من عبد اللطيف اللعبي أن يقرأ قصيدة بالفرنسيّة، فأصرّ الشاعر المغربي على الاستمرار بقراءة نصوصه بالعربيّة قائلاً: «أنا مشتاق إلى لغتي الأم». كان ذلك خلال حفلة التكريم التي احتضنتها «المكتبة الوطنية» و«مجلس مدينة الرباط»، و«جامعة محمد الخامس» أخيراً، احتفاءً بفوز «مجنون الأمل» بـ«جائزة غونكور الشعر» الفرنسية لعام 2009 عن مجمل أعماله. بعدما تخلّف المغرب ـــــ بمؤسساته الرسميّة والأهليّة ـــــ عن تكريم الشاعر المغربي البارز، جاءت الحفاوة من الضفة الأخرى للمتوسّط... لتعيد اللعبي إلى دائرة الاهتمام في بلاده! تسلّم الشاعر خلال الأمسية مفتاح مدينة الرباط، ووقّع اتفاقية مع «المكتبة الوطنية» يجري بموجبها رقمنة أعداد مجلة «أنفاس» المشاكسة التي أصدرها من الرباط عام 1966. كان اللعبي وقتذاك مدرّساً للغة الفرنسيّة في إحدى مدارس العاصمة، قبل أن يحوّل مجلته إلى مرآة للحياة الأدبية والسياسية المغاربية، فيتخرّج منها شعراء وكتاب بارزون بينهم الطاهر بن جلون... ثم توقّفت «أنفاس» عن الصدور بتهمة المساس بالأمن العام، وأُدخل صاحبها السجن (1972 ـــــ 1980). وكان لا بد لتلك المجلّة ـــــ الأسطورة من الانتظار كل هذه السنوات، قبل أن تدخل إلى المكتبة الوطنيّة من بابها العريض. هل هو ردّ اعتبار سياسي متأخّر إلى هذا الأديب المناضل؟

رقمنة أعداد مجلة «أنفاس» التي أصدرها عبد اللطيف اللعبي في الرباط عام 1966
وكانت أمسية التكريم مناسبةً ليقرأ اللعبي من يومياته «شاعرٌ يمرّ» (دار ورد ـــــ تعريب روز مخلوف) نصين، الأوّل بعنوان «محمود درويش والآخرون»، والثاني بعنوان «الحياة أقوى». كما حلّ الشاعر ضيفاً على احتفاليّة «مغاربة العالم» التي أقيمت على هامش «معرض الكتاب في الدار البيضاء» لمناسبة صدور يومياته «شاعرٌ يمرّ»، إضافةً إلى صدور مجموعتين تضمّان أهم أعماله بالفرنسية والعربية عن «دار ورد» السوريّة.
وبعد الرباط والدار البيضاء، يحلّ اللعبي على مراكش، حيث يشارك في 18 و19 آذار (مارس) الحالي في لقاءات أدبيّة بين «المعهد الفرنسي» و«معهد ثرفانتس». كأننا بالجمهور المغربي يعانق أخيراً شاعره، ويعيد الاعتبار إلى مسيرة خصبة بالعطاءات، حافلة بالنضالات السياسيّة التي تجعل من صاحب «تجاعيد الأسد» اليوم ممثّلاً لجيل بلا ورثة، في المغرب والعالم العربي على السواء.


يحلّ اللعبي اليوم ضيفاً على برنامج «مشارف» (00:45 ليلاً) مع الزميل ياسين عدنان على «القناة المغربيّة الأولى»