strong>ما إن أُعلنت الشراكة بين «روتانا» والحوت الأسترالي، حتى لوّح بعضهم بمقاطعة الشركة السعودية، خوفاً من ذهاب الأفلام المصرية إلى... إسرائيلخلال السنوات العشرين الأخيرة، فشلت حملتان شرستان أطلقتهما الصحافة المصرية بهدف حماية التراث السينمائي المصري. بالتالي، لا أحد يتوقّع أن تنجح الحملة الثالثة التي أطلقت أخيراً، حتى لو كانت تستهدف هذه المرّة المليادير المتعاطف مع إسرائيل روبرت مردوخ. الحملة الجديدة أطلقها عدد من وسائل الإعلام المصرية بعد إعلان الشراكة بين «نيوزكورب» التي يملكها مردوخ، و«روتانا»، وتهدف إلى التحذير من انتقال تاريخ السينما المصرية تدريجاً ليصبح تحت السيطرة الإسرائيلية.
لماذا لن تنجح الحملة؟ لأنها ببساطة تتوجّه إلى جهات حكومية ليست معنية أساساً بالمحافظة على مئات الأفلام المصرية التي بيعت سابقاً لقنوات خاصة. وهذه المحطات تدرك أن الأفلام المصرية مصدر للربح والانتشار من المحيط إلى الخليج.
حتى أنّ السينمائيين أنفسهم انقسموا حول الموضوع. بعضهم خرج ليؤكّد أن لا حاجة لكلّ هذا التأهّب الذي تعيشه الصحف المصرية. ويقول أصحاب هذا الرأي إنّ مردوخ لن يرميَ الأفلام المصرية في البحر حتى لو باعها لإسرائيل. إذ إنّ هذه الأخيرة تسرق أساساً الأشرطة المصرية وتعرضها كل يوم جمعة على تلفزيونها الرسمي. كما أنّ أصحاب هذا الرأي يعتبرون أنّ الحوت الأسترالي ليس سوى شريك للوليد بن طلال، وبالتالي لن يبسط كامل سلطته على «روتانا» (تملك الشركة أكثر من 50% من الأفلام المصرية و80% من أفلام ذات عرض حصري وأول).
خوف على الأفلام التي تناولت الصراع العربي ــــ الإسرائيلي
لكن أصحاب الرأي «العقلاني» ــــ إن صحّ التعبير ــــ يتخوّفون من استغلال مردوخ السينما المصرية، عبر حجب الأفلام التي تناولت موضوع الصراع العربي ــــ الإسرائيلي. لكن سرعان ما يعود هؤلاء ليضعوا المسؤولية على عاتق الدولة المصرية التي فرّطت أساساً بهذه الأشرطة ولم تعد مهتمّة بإنتاج المزيد منها. حتى أن بعض السينمائيين وجهوا الشكر إلى art و«روتانا» لأنّهما توّلتا ترميم الأفلام المصرية وأسهمتا في عرض شرائط طواها الزمن.
ورغم الصمت الحكومي حول الموضوع، خرج رئيس شركة «مصر للصوت والضوء والسينما» عصام عبد الهادي ليؤكّد أنّ الشركة لن تُجدد حق عرض 300 شريط مصري لمصلحة «روتانا» ابتداءً من العام المقبل إذا تأكدت سيطرة مرودخ على الأفلام المصرية المملوكة من الشركة السعودية. ورغم أن القرار سيؤثّر سلباً في وضع الشركة المادي، إلا أن عبد الهادي أكّد أنّ المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. لكنّ موقف «مصر للصوت والضوء والسينما» لن ينسحب على باقي المنتجين الذين لن يتخذوا الموقف نفسه إما لأنهم لا يمتلكون مصادر دخل أخرى تجعلهم يستغنون عن حقوق البيع لـ«روتانا» التي تتجدد كل خمس سنوات، أو لأنهم باعوا الـ«نيغاتيف» نفسه! وهنا تحديداً تكمن المشكلة الكبرى التي ستؤثّر في مستقبل الأفلام المصرية الحديثة. إذ يبيع معظم المنتجين في الفترة الأخيرة الفيلم بالكامل. وهذه الظاهرة الجديدة تستوجب المطالبة بإصدار قانون جديد يلزم كل منتج بوضع نسخة من النيغاتيف في خزانة وزارة الثقافة بهدف ضمان أصول الأفلام داخل مصر بعيداً عن حق العرض الذي تمتلكه الشركات الخليجية وشركائها. لكن هذا القانون لم يصدر بعد ولا يتوافر نظام صارم للحفاظ على إنتاج السينما المصرية... فلماذا يلومون روبرت مرودخ؟
م. ع. ا.