بعد «لول»، ها هو برنامج آخر يثير الجدل على OTV ويتعرّض للمنع. والسبب دعوى قضائية رفعها مصرف «سوسييتيه جنرال» ضدّ البرنامج، وتحديداً اسكتش Société anti général
ليال حداد
لعنة الرقابة تلاحق البرامج الساخرة على شاشة OTV. بعد الضجة التي أثارها «لول» والحملات الدينية و«الأخلاقية» التي طالبت بوقف بثّه، ها هو «أوفريرا» يواجه المصير نفسه، إذ فوجئ جمهور الشاشة البرتقالية يوم الجمعة الماضي، بعدم عرض القناة لبرنامج Ovrira (الجمعة 20:45)، بل اكتفت بعرض خبر عاجل أفاد أن «قاضي الأمور المستعجلة منع عرض اسكتش من برنامج «أوفريرا»». وفي نشرة أخبارها المسائية، عرضت OTV تقريراً مصوّراً عن الموضوع، بيّنت فيه أنّ قاضي الأمور المستعجلة في بيروت أصدر قراره «بناءً على استدعاء من بنك «سوسييتيه جنرال» الذي يشغل منصب مديره العام أنطوان الصحناوي الذي ارتبط اسمه بحادث النادي الليلي Maison blanche منذ أيام». وطالب القرار المحطة بعدم عرض هذه الفقرة، تحت طائلة غرامة إكراهية تبلغ 50 مليون ليرة لبنانية (33 ألف دولار تقريباً).
هل تدشّن الحادثة عصراً جديداً من الرقابة المسبقة على المواد الإعلامية؟
وبما أنّ المشاهدين لم يتمكّنوا من متابعة الاسكتش، فإليكم التفاصيل: تدور أحداث الاسكتش في بنك Société anti général، حيث يستدعي مكتب الموارد البشرية آخر موظّفة عونية (نسرين الهاشم) في المصرف. ويلعب دور مدير الموارد البشرية «زوزو إبّا» القواتي (هشام حداد). يبدأ التحقيق مع الموظفة العونية: «سمعنا أنك كنت في الرابية... هل صحيح أنك ترتدين جوارب فيها خطّ برتقالي؟»... هنا يدخل رئيس مجلس إلإدارة المصرف. وحين يتأكد من أنّ جوارب الموظفة تحوي لوناً برتقالياً، يطلق أربع رصاصات من مسدّسه على رجلها. طبعاً، وكما هو معلوم، يحيل الاسكتش إلى الحادثة التي وقعت الأسبوع الماضي في ملهى Maison blanche وقيل إنّ مرافقي أنطوان الصحناوي، أطلقوا النار على شاب يدعى مازن الزين.
بغضّ النظر عن الاسكتش وعن صوابية تحويل هذه الحادثة ـــــ التي كادت تتحوّل إلى واقعة مأساوية ـــــ إلى مشهد ساخر، يبدو تدخّل القضاء، ومن خلفه مصرف كبير، في تحديد ما يمكن عرضه وما لا يمكن، انعطافة خطيرة (جداً) في موضوع الحريات الإعلامية في لبنان. هل تدشّن هذه الحادثة، عصراً جديداً من الرقابة المسبقة على المواد الإعلامية؟ وهل بات في إمكان كلّ من يزعجه اسكتش أو نكتة ساخرة أن يلجأ إلى القضاء بتهمة القدح والذمّ والتشهير؟ ومن يضع بعد هذا القرار، المعايير التي ينبغي للإعلامي الالتزام بها؟
ثمّ من هو الرقيب الفعلي في لبنان: القضاء، أم المؤسسة الدينية، أم المؤسسة السياسية، أم المجتمع، أم السلطات المالية، التي تقف خلف هذه القضية تحديداً؟ وهل القضية فعلاً قضية تشهير أمّ أن المعركة تحمل أبعاداً سياسية تبدو واضحة لبعضهم، وخصوصاً أن «التيار الوطني الحرّ» يتّهم الصحناوي بتمويل الحملة الانتخابية ضدّه في الانتخابات النيابية في أكثر من دائرة؟
«لم نكن نتوقّع ردة الفعل هذه، لقد فوجئنا وخصوصاً أن الاسكتش لم يكن يهدف إلى إثارة البلبلة» يقول مخرج برنامج «أوفريرا» شادي حنا لـ«الأخبار». أما مدير البرامج في OTV باتريك باسيل، فلا ينفي الخلفيات السياسية للموضوع. ويؤكّد أن المحطة ستعترض على القرار القضائي هذا الأسبوع «لن نرضى بهذا القرار، وإذا قَبِل القاضي اعتراضنا، فسنعيد عرض الاسكتش». ويضيف: «لا أفهم كيف يضع مصرف كبير نفسه في مواجهة مع وسائل الإعلام»؟ من جهته، رفض المستشار القانوني لـ«سوسييتيه جنرال» نجيب السعد التعليق على القضية، مكتفياً بالقول «ليأخذ القانون مجراه في هذا الملفّ».