الرياض ــ سارة مشافي فاز عبده خال بجائزة «بوكر» العربية، وسط منافسة حامية، شارك فيها 115 كاتباً من 17 دولة عربية. تناقل محبّوه الخبر بسعادة عكست مدى اعتزازهم بهذا الكاتب الذي أجاد التعبير عن همومهم ومشاغلهم في قوالب روائية مميزة، وإذا به يضع الأدب السعودي في موضع التقدير غير المسبوق من خلال هذا الفوز. حديث وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز خوجة عن عبده خال كسفيرٍ للمملكة في مجال الرواية، جاء ليتوج تميّز خال عن غيره من الأدباء السعوديين. هو الذي حرص على الابتعاد عن تلميع أعماله أو تسويقها شخصياً ، واكتفى بأن يترك الحكم للقراء، واضعاً الإنسان في صلب رؤيته الإبداعيّة. الإنسان هو قضيته بكل ما فيه من بساطة أحاسيس مختبئة حيناً، وظاهرة أحياناً. هو ذلك البسيط المنتمي إلى قرى الطين، وماضي الفقر، ومسيرة شقاء غلّفها اليتم والعوز. ألوان ليس فيها ما يبهج سوى التعايش عبر كلماته، مع ما فيها من صور الحرمان.
منذ أول أعماله الروائية «الموت يمر من هنا»، صوّر البؤس الإنساني وصراع الإنسان من أجل تحصيل لقمة عيشه من دون هدر كرامته. وفي حكاياته الممزقة، نرى تَمَزّقَ أبطال تلك الملحمة الذين عبث بهم طغيان السيّد. وهنا تتجلى قدرة خال الرهيبة على شحن النفس بشجن حقيقي يندلق عبر المسالك والدروب الوعرة للرواية ولغتها بالبساطة نفسها التي تتفوه بها حكايا العجائز

كرّس فوزه بـ«بوكر» مكانة الأدب الخليجي على الساحة العربية

أو «الخرفينات»، كما يُسمَّين في تلك القرية الجنوبية البعيدة.
في الأدب كما في الصحافة، يبدو عبده خال شغوفاً بهموم البسطاء والمهمشين، مشغولاً بتسليط الضوء على فساد أصحاب النفوذ، ورغبتهم في استعباد أولئك البسطاء كما يظهر في روايته «ترمي بشرر» الفائزة بـ«بوكر». هذا الكلام ينطبق على مقاله اليومي في صحيفة «عكاظ»، كما ينطبق على جلّ أعماله الأدبيّة: «نباح»، و«الطين»، و«مدن تأكل العشب»، و«الأيام لا تخبّئ أحداً»، و«الأوغاد يضحكون»، و«ليس هناك ما يبهج»، وحتى في روايته ما قبل الأخيرة «فسوق» التي تناولت ازدواجية المجتمع السعودي وانتقدت بواقعية جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هذا الفوز كرّس على نحو أكيد مكانة الأدب السعودي والخليجي عموماً على الخريطة الأدبية العربية، وأزال الشكوك في قدرة هذا الأدب على الخروج بإنتاج مميّز يصل بمحليّته إلى المتلقّي العربي بكل سلاسة، كي يتصدّر قوائم التصفيات النهائيّة في أهم الجوائز الأدبية.