القاهرة ــ محمد خيرعندما أذيع خبر حضور زياد الرحباني إلى القاهرة، لم يكن التساؤل المندهش هو «زياد في القاهرة؟» بل كان «زياد في الساقية؟». الذين انتظروا طويلاً مفاجأة كهذه تصوّروا أنها تليق بـ«دار الأوبرا» ولو... في مسرحها الصغير! بعضهم كاد يجزم «لو كان زياد يعرف مسرح «الساقية» لما وافق على إقامة الحفلة فيه». مبعث التخوف هو طبيعة المسرح المقام أسفل جسر في منطقة الزمالك. «قاعة النهر» التي تستضيف الحفلة هي أكبر قاعات مركز «الساقية» الثقافي. المركز تجربة رائدة تمثّلت في إقامة مركز فني على أرض كانت مقلب قمامة يطل على النيل. تجربة ناجحة، لكنها لم تكن كافية لإقناع عشاق الرحباني بأنّها جاهزة لحفلته الأولى في المحروسة. خافوا من حركة السيارات وأصوات الشارع. مخاوف انتقلت إلى الصحافة فنقلتها إلى مسؤولي المهرجان، أولئك فاجأوا الجمهور بأن زياد «من أشد المتحمسين لإقامة الحفلة في الساقية». أكّد أحد المنظمين لصحيفة «أخبار الأدب» أنهم أرسلوا إلى زياد شريطاً تسجيلياً للدورة السابقة من «مهرجان الجاز»، وأن زياد «أبدى إعجابه بالساقية ومسارحها»، بل أرسل الشريط إلى منظّم «مهرجان دبي للجاز» ليطّلع عليه.
أكثر من 2000 متفرج يُنتظر حضورهم الحفلة
إذا، سيغنّي صاحب «أنا مش كافر» في «الساقية». «سيغني؟»: تلك إشكالية أخرى. إذ يجهل معظم جمهوره القاهري أنّ أغاني زياد المحبوبة أدّاها جوزيف صقر وسامي حواط، كما يُخشى من تكرار ما حصل خلال الزيارة الأولى لمرسيل خليفة. وقتها، تململ الجمهور بعد أكثر من 40 دقيقة من العزف على العود من دون غناء. وقد تردد أن سلطات الأمن اشترطت عليه تقديم موسيقاه فقط، لكنّ احتجاجات الجمهور دفعته إلى الغناء في نهاية الحفلة. مع زياد، يتكرّر التخوف، ويخشى الجمهور أن يذهب إلى سماع روائعه الغنائية، فلا يجد إلّا عزفاً. سيخيب ساعتئذ أمل أكثر من 2000 متفرج يُنتظر حضورهم الحفلة. رقم هائل بالنسبة إلى مسرح «الساقية». مع ذلك، يتوقع المنظمون أن يزيد على ذلك. يمكن حساب مكاسب المسرح، إذا عرفنا أن أشهر الفرق الشبابية لا يحضر حفلتها أكثر من 500 متفرج، تغص بهم القاعة الكبرى. ولتلبية جمهور زياد، ستُفتح القاعة وتُضم الحديقة في الخلفية وتُلغى المساحات بين المقاعد. المكاسب المادية لن تنتهي عند زيادة التذاكر المبيعة، بل تعتمد على الأسعار أيضاً، إذ تراوح أسعار حفلات الساقية بين 15 جنيهاً (دولارين ونصف دولار) و20، تزيد في حالات خاصة إلى 40 جنيهاً. حفلات مهرجان الجاز تراوح أسعار تذاكرها بين 30 جنيهاً و40، عدا حفلة زياد التي يبلغ سعر بطاقتها 125 جنيهاً. وزادت قليلاً عن ذلك في السوق السوداء، هل سيغني؟ ماذا سيغني؟ كم أغنية سيغني؟ أسئلة إجاباتها في ليلة لن تنساها «ساقية الصاوي».