ما قصّة الصحافيين الذين تقاضوا أموالاً من الشركة السعودية الشهر الماضي؟ إذ أورد موقع «أخبار الفن» أنّ ثمانية إعلاميين تلقّوا مبلغاً من المال مقابل تغطية المؤتمر الذي عقده الوليد بن طلال الشهر الماضي
ربيع فران
منذ يومين، نشر موقع «أخبار الفن» السعودي مقالة عن تقاضي عدد من الصحافيين مبالغ مالية من «روتانا» مقابل مشاركتهم في المؤتمر الذي عقده الوليد بن طلال، نهاية الشهر الماضي، لإعلان شراكته مع «نيوز كورب». لم يكتف الموقع بهذا القدر، بل أعلن جنسيات الصحافيين وأسماءهم والمؤسسات التي يعملون فيها وحتى... طوائفهم!
هكذا أورد الموقع أنّ أربعة صحافيين لبنانيين ومصريَين (رغم أن الصحافيَّين المصريين لم يحضرا المؤتمر لأسباب مجهولة)، وسوري وفرنسي من أصل لبناني، تقاضوا مبالغ مالية تصل إلى ثمانية آلاف دولار للصحافي... فهل هذه المعلومات صحيحة؟ أم أنها مجرّد مقالة تهدف إلى التشهير؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بدّ من الإضاءة على مسألة تعاطي المؤسسات وشركات الإنتاج مع الصحافيين. من المعروف أنّ بعض المؤسسات تقوم بما يسمّى «تكريم» الصحافيين لدى السفر بهدف تغطية نشاط المؤسسة. ومعروف أيضاً أن «روتانا» واحدة من هذه الشركات التي تعطي الصحافيين «مصروفهم» خلال السفر، والحدّ الأدنى لهذا المصروف هو 500 دولار. وفي رأي الشركة السعودية، فإنّ هذا المال هو «تكريم» للصحافي، ولا يدخل في إطار الرشوة أبداً، بل مجردّ «عرفان بالجميل». وتدرج «روتانا» هذه الأموال في إطار المصاريف الإعلانية للشركة.
رئيسة تحرير مجلة «الجرس» اللبنانية نضال الأحمدية، التي ورد اسمها بين لائحة الصحافيين الذين تقاضوا مبالغ مالية، تنفي صحّة هذه المعلومات، «الحدث كان كبيراً، وما نُشر غير مهمّ». وتؤكّد الأحمدية أنها تكنّ محبة خاصة للوليد بن طلال، ولا تنسى أنه وقف إلى جانبها في عام 2002، وتسأل «هل شاهدنا أحد ونحن نقبض الأموال التي يتحدّثون عنها؟».

نفت نضال الأحمدية تلقّيها المال.. وأخبار عن استياء بعض الإعلام السعودي من الشركة

لكن لماذا أصرّ موقع سعودي على نشر هذا الخبر وشنّ هذه الحملة؟ وهل خرجت الصحافة السعودية عن صمتها بعد مغادرة مدير العلاقات والإعلام السابق لمجموعة «روتانا» إبراهيم بادي الذي كان حليف هذه الصحافة داخل الشركة؟ يبدو هذا السؤال منطقياً، وخصوصاً إذا علمنا أن بادي كان بمثابة الأب الروحي للإعلام السعودي. وما يزيد هذه الشكوك هو ما جاء في المقالة نفسها التي نشرها الموقع، أنه «جرى تجاهل الصحافيين السعوديين في المؤتمر، والتلويح لهم بالعصا في حال انتقاد الشركة مستقبلاً». وقد يكون تمييز الصحافيين اللبنانيين عن السعوديّين قد زاد من استياء الإعلام السعودي، إذ جلس اللبنانيون على الطاولة الرئيسية بعيداً عن السعوديين.
وحتى اليوم، لم تردّ «روتانا» على ما أورده الموقع السعودي، في ظلّ علامات استفهام بشأن مصدر الوثائق التي سرّبت من داخل الشركة السعودية إلى موقع «أخبار الفن». وبغضّ النظر عن صحّة هذه المعلومات أو عدمها، يبقى ملفّ الرشى (الكبيرة) التي يتقاضاها الصحافيون العرب خلال تغطيتهم لمؤتمرات ونشاطات عربية وعالمية، ملفاً شائكاً و... حقيقياً لا ينفيه كل العاملين في مجال الإعلام.