رفرف علم فلسطين ولبنان أيضاً. واجتاح جمهور المحروسة «ساقية الصاوي». كانت الحماسة هائلةً مساء الخميس، خلال افتتح «مهرجان الجاز»، ما أنسى الفنان اللبناني شكواه من الحر والإضاءة
القاهرة ـــ محمد خير
الفلسطينيون احتلوا مقدمة المسرح، نشروا أعلامهم ولافتاتهم «زياد... بنحبّك بلا ولا شي». كان هناك علم لبنان أيضاً ووجوه عربية وأجنبية. لكن غالبية الزحام كانت لجمهور المحروسة الذي أتى لسماع زياد الرحباني في إطلالته المصرية الأولى يوم الخميس.
أخليت الساحة من الكراسي واعتذر مسؤولو «ساقية الصاوي» عن الازدحام بسبب بيع تذاكر إضافية وصلت إلى 2500، وظلّ في الخارج من لم يتمكّن من الدخول. بعد ساعة على الموعد المحدد، رُفعت الستارة في التاسعة ولمح الجمهور زياد إلى اليسار، مواجهاً البيانو، فانفجرت القاعة بالتصفيق.
مقدمة موسيقية لا يتوقف خلالها التصفيق. يتكلم زياد في الميكروفون باللهجة المصرية «طب اعمل إيه؟»، ثم يطلب بجدية من الجمهور السماح له بأن «يكفّي»، والبداية الغنائية لم تكن متوقعة. «معلومات مش أكيدة» غنّتها السورية منال سعفان، تجاوب الجمهور معها ومع منال التي انقسم بشأنها الحاضرون لاحقاً. تعزف الفرقة مقطوعة من «هدوء نسبي»، ثم ينضمّ إلى المسرح المطرب هاني عادل الذي قدم له زياد باعتباره «الدعم المصري». وهو دعم أضيف إلى المصريين عمرو صلاح (كيبورد) وهاني بدير (إيقاع). يقف هاني إلى جوار منال، تعزف الفرقة المقدمة الموسيقية لأغنية «تلفن عياش».
بين الفقرة والأخرى، يتذمّر زياد من حرارة الجو والإضاءة التي جعلت الموسيقيين «مش شايفين». وفي الساحة بالأسفل، كان الزحام الهائل يمنع قصار القامة من الرؤية، ويؤثر نسبياً على نقاء الصوت. لكنها بالأساس كانت حفلة استمتاع برؤية الرحباني والتجاوب مع موسيقاه وأغنياته. كانت الحماسة هائلةً، ما جعل زياد ينسى شكواه فيتجلى عزفه، وينسجم الجمهور مع الجاز، ثم مع أغنية «من فضلك إنك تحتشمي» التي يغنيها هاني ومنال وسط تجاوب الجمهور الذي غناها معهما، لكنّ غناءه يخفت مع «روح خبّر عني وقول» التي لا يحفظها الجميع.
خلال الاستراحة، تساءل كثيرون «هوه مش حا يغني؟» وتدور النقاشات. تعود الفرقة فتعلو الهتافات «غنّي... يا زياد». تنتظر الفرقة، ثم تبدأ عزف موسيقى «العقل زينة». بعدها تصعد منال، وتغني لحن عبد الوهاب «سهار». يتجاوب الحضور، لكن التجاوب الأشد كان مع تألقها في أداء «ولا كيف». ثم يهبط منحناها مع «بكتب إسمك» قبل أن ينضم هاني ليغني معها «يا ليلي ليلي» التي رددها الحضور، وعلّق بعضهم متمنّياً «يا زياد قول حتى (يا عين) اللي في الآخر»! ثم عودة للجاز. أداء جماعي مع صولوهات ساكس وباص... وطبعاً بيانو زياد الشهير. ويتّضح انسجام وحفظ الجمهور للموسيقى من خلال تصفيقه في المواقع المناسبة، ما استدعى ملحوظة تقدير من زياد نفسه عند نهاية الحفلة. قبل تلك النهاية، يتعالى الهتاف مع مقدمة أغنية «بما إنو» ويستجيب الرحباني أخيراً، فيغني المقدمة واللازمات وحده أحياناً ثم مع هاني ومنال. يعلن نهاية الحفلة فينفجر التصفيق الذي تطغى عليه المطالبات بالأغاني، يتسلّم الرحباني تكريمه من المهرجان، يشكر جمهوره، متمنياً أن تكون الفرقة «على قدر تطلعاتكم». كلمات الشكر لا تهدّئ الجمهور، فيعمد زياد إلى تقديم هاني عادل إلى الميكروفون مرة أخيرة، ويجلس خلف البيانو، ويعزف أخيراً «بحبّك ... بلا ولا شي».