ليال حداد
في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، خرجت أصوات من الكنيست، تطالب بمنع غير الإسرائيليين وغير المقيمين في الأراضي المحتلة من امتلاك وسائل إعلام في إسرائيل. طبعاً لم تأت هذه المطالبة من عبث، بل كانت تستهدف مباشرة الملياردير الأميركي شيلدون أديلسون صاحب صحيفة «إسرائيل هايوم» (إسرائيل اليوم). اليوم، يبدو أن محاصرة أديلسون (1933) وصحيفته (أطلقت في تموز/ يوليو 2007) باتت هدفاً رئيساً ليس للطاقم السياسي فحسب، بل لباقي الصحف الإسرائيلية، وخصوصاً «يديعوت أحرونوت»، و«معاريف».
وكانت «إسرائيل اليوم» قد تمكّنت بعد أقلّ من عام على انطلاقها، من احتلال المرتبة الثانية بين الصحف الأكثر قراءة في إسرائيل، بعد «يديعوت أحرونوت»، متقدّمة بذلك على «معاريف».
وهذا الانتشار السريع لهذه الصحيفة المجانية كان كفيلاً بإزعاج الصحافة الإسرائيلية التقليدية، فبدأت حملات هجوم على «إسرائيل اليوم» وعلى مواقفها السياسية، حتى وصل بعضهم إلى القول إنّ هدف إنشاء هذه الجريدة هو واحد: دعم بنيامين نتنياهو، وتشويه سمعة باقي منافسيه.
بالفعل، لم يخف القائمون على الصحيفة موقفهم السياسي، بل على العكس، بدت مواقف الصحافيين فيها واضحة. مثلاً أولت الصحف الإسرائيلية اهتماماً خاصاً لخبر مفاده أنّ إحدى العاملات في منزل نتنياهو، اتّهمت زوجته بسوء المعاملة. هكذا، خصّصت «يديعوت أحرونوت» صفحتها الأولى للخبر، فيما وجدت «إسرائيل اليوم» أنّ الحلّ الأنسب لتفادي هذه الفضيحة، هو نشر تحقيق عن... علاقة سارة نتنياهو الممتازة مع العاملين في منزلها!
وعن الحرب التي تشنّها الجرائد الإسرائيلية ضدّ بعضها بعضاً، علّق يورام بيري مدير معهد «غيلدنهورن لدراسات إسرائيل» في جامعة «ماريلاند» الأميركية لصحيفة «لوس أنجلس تايمز»: «الصحافة الإسرائيلية تصبح صحافة صفراء». وأضاف «هذه الظاهرة خطيرة. من أجل ديموقراطية قوية، تحتاج إلى صحف قوية». كما صرّح النائب الإسرائيلي دانيال بن سيمون للصحيفة نفسها قائلاً: «الوضع يتحوّل إلى ما يشبه الأدغال... المؤسسات الإعلامية تسعى إلى تدمير بعضها بعضاً».
ويتوقّع بعض المراقبين للوضع الإعلامي الإسرائيلي، أنّ تؤدّي هذه المنافسة إلى إقفال بعض الصحف، وخصوصاً أنّ الصحافة الإسرائيلية تأثّرت أيضاً بالأزمة المالية. وهو ما تؤكده إدارتا «يديعوت»، و«معاريف» اللتان تعتبران أنّ أديسلون سيستمرّ بحربه ضدّهما، حتى إقفالهما «مهما كان الثمن».
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّه في عام 2006، تردّد أن أديلسون يسعى إلى شراء إحدى الصحف الإسرائيلية، وتحديداً «معاريف». غير أنّ مصادر مقرّبة من أديلسون خرجت لتنفي لاحقاً الخبر، مضيفة أنّ الملياردير الأميركي لم يقدّم أي عرض لشراء «معاريف». وبعد أشهر قليلة، تبيّن أن رجل الأعمال السبعيني كان يحضّر لإطلاق صحيفته الخاصة.
وماذا عن صحيفة «هآرتس» رابع صحف البلاد؟ يبدو أن هذه الأخيرة ستبقى حالياً بعيدة عن الأجواء المشحونة بين الجرائد، وستنأى بنفسها عن الهجوم ضدّ «إسرائيل اليوم». أما السبب، فمادي بطبيعة الحال. إذ إنّ «إسرائيل اليوم» تطبع صفحاتها في مطابع «هآرتس».