«احكِي لنا قليلاً عن نفسك» هذا السؤال البديهي أربك كورين شاوي (1981 - الصورة). «لحظة كي أحضر اللابتوب» أجابت، وعن شاشة آلتها قرأت لنا بعضاً من سيرتها الذاتيّة. هذه الفنانة التي لا نعرف أين كانت مختبئة حتّى الآن، لم تعتد الكلام عن نفسها. متخرّجة الـ ALBA (2004) يفتتح شريطها الوثائقي «فيلم الترحيب والوداعات» (2009 ـــــ ٢٤ د) مهرجان «شاشات الواقع»، عند الثامنة من مساء الغد، قبل عرض فيلم غسّان سلهب. يشي العمل بعلاقة خاصّة، وتجريبيّة، بين المخرجة وعدستها، هو خلاصة تكوينها في الدنمارك.في رصيد شاوي تسعة أفلام وثائقيّة قصيرة، وقد صوّرت باكورتها «الخادمات الطيّبات» بكاميرا شخصيّة، وهي قصّة دوليكا الشابّة السريلنكيّة التي عملت في منزلها. شريطها «أوكسيجين» (2007) المأخوذ عن تجربة عائليّة سيعرض أيضاً خلال المهرجان ضمن «امرأة خلف الكاميرا» («كارت بلانش» إيليان الراهب).
في «فيلم الترحيب والوداعات»، تنسج كورين سلسلة بصريّة مشبوكة ومتماسكة. تسجّل معطيات الواقع، أصواته وألوانه، وتصوغ منها انطباعات فتاة متشوّقة وحيدة، تناثرت أشواقها الممزّقة في شوارع كوبنهاغن. أحاديث هاتفيّة، جلد يتنفّس وأعضاء حميمة في لقطات قريبة، ألوان باردة، كاميرا ثابتة، شخوص تكاد تكون بكماء... كلّ هذا ليس عناصر مبعثرة، بل معطى بصري محسوب بحذافيره، في نظرة عميقة للوجود. «الوداعات» خمس لحظات فراق متناثرة التقطتها الكاميرا في الدنمارك: طفل في قطار، أمّ تترك ابنتها في حضانة، كاهن يتلو الصلاة الأخيرة على تابوت، شابّة أمام قبر... أمّا «اللقاء»، فغمرة واحدة بين شابة وحبيبها لحظة وصول الأخيرة إلى المطار.
«لا أبحث عن خلاصات، أصنع أفلاماً لمتعتي الخاصّة، ولا أفكّر في مشروع روائي»، تخبرنا كورين. لكنّ «فيلم الترحيب والوداعات» يكشف حسّاً روائياً جريئاً لا بدّ من أن نراه يوماً مجسّداً على الشاشة. يختتم لفيلم بلقطة تبقى في الذاكرة طويلاً: صبيّة عارية وحافية تمشي في إحدى غابات الدنمارك، مفترشة الجليد ومتلفّعة بالأشجار. تخطو خطوة الإنسان الأوّل، كأنّها تبحث عن ذلك اللقاء الأصلي بين الذات والكون، حيث لا مكان للوداع أو الفقد أو الوحدة...
سناء...


8:00 مساء الغد ـــــ «متروبوليس ـــــ أمبير ـــــ صوفيل»