سفيان الشواربيرغم خطوات تونس المهمّة على درب تطوير المنظومة التعليمية منذ عهد الحبيب بورقيبة، يبدو أنّ المكتسبات التحديثيّة باتت مهدّدة في الصميم. هذا ما كشفته دراسة نُشرت أخيراً بعنوان «علاقة التونسي بالكتاب والمطالعة». إذ أظهر استطلاع للرأي أنجزته «اللجنة الوطنية للاستشارة حول الكتاب والمطالعة»، أنّ ثلاثةً من أربعة تونسيّين لم تطأ أقدامهم مكتبة عامة، بل إن ربع التونسيين لم يطالعوا كتاباً واحداً طيلة حياتهم. أرقام مفزعة تدعو إلى دقّ ناقوس الخطر، وخصوصاً أنّ الدراسة أظهرت أن 26.76 في المئة من المستجوبين طالعوا كتاباً واحداً، وهؤلاء معظمهم من النساء، أو القاطنين في العاصمة وضواحيها ممّن لهم مداخيل مالية أفضل من غيرهم. أما في ما يخص الميزانية المخصصة لاقتناء الكتب، فتبيّن أن قرابة 44 في المئة من المطالعين ينفقون على الكتاب ما لا يزيد على 24 دولاراً في السنة.
ورغم قرار يقضي برفع الرقابة الإدارية عن مختلف المصنّفات المنشورة منذ عام 2007، فإن صناعة الكتب لم تشهد تطوراً يستحق الذكر. وباستثناء «دار الجنوب للنشر»، تعمل دور النشر من دون لجان قراءة.

ربع التونسيين لم يطالعوا كتاباً واحداً في حياتهم


من جهة أخرى، ذكرت الإحصائية أن 94. 19 في المئة من التونسيين الذين يطالعون يفعلون ذلك في منازلهم، وأن 22 في المئة يطالعون في عملهم، وأنّ 18.04 في المئة فقط يطالعون في المؤسسات التعليمية. أرقام تثبت فشل المعاهد والجامعات التونسية في تحريض الطلاب على المطالعة، وخصوصاً أنّ نصف روّاد المكتبات العامة يعدّونها فضاءً لمراجعة الدروس لا أكثر.
وإن كانت الثورة التكنولوجية، وتطوّر وسائل الإعلام الحديثة، ومتطلّبات الحياة اليومية جعلت اهتمامات التونسي تنصبّ على مشاغل أخرى، إلّا أنّ الدراسة ألقت الضوء على أسباب أخرى: 57.71 في المئة من المستجوبين لا يطالعون بسبب ضيق الوقت، وقرابة 21 في المئة منهم لم يكتسبوا عادة المطالعة في الأساس ولا يمكن أن يفكروا فيها حتى لو توافر لهم الوقت والإطار المناسبين، و18 في المئة منهم لا يحبون المطالعة أصلاً ولا علاقة لهم بالكتب! نتذكر قول سيمون دوبوفوار: «كلما كان هناك كتب في حياتي، كانت سعادتي مضمونة»، لن نحتاج بعد الآن إلى استطلاع عن سعادة التونسيين!