Liban Jazz يبلغ «الأربعين» مع الترومبيت الإيطالي

يفتتح «ليبان جاز» مساء الأحد موسمه لعام 2010، بأمسية لأبرز عازفي الترومبيت الأحياء. الموسيقي الإيطالي الذي عُدَّ وريث مايلز دايفس، بدأ صعوده في نيويورك الستينيات، وقد جمع بين الـ Be-Bop والجاز الحرّ والأوبرا، وهو معروف بغزارة إنتاجه. في بيروت يقدّم أحدث أسطواناته، برفقة البيانو ستيفانو بولاني

بشير صفير
عشّاق الجاز على موعد مع إنريكو رافا (1939)، مساء الأحد المقبل في بيروت. موسيقي الجاز الإيطالي المخضرم يقدّم أمسية وحيدة في الـ«ميوزكهول»، ضمن برنامج «ليبان جاز». زيارة هذا العازف المصنّف مرتين أفضل عازف ترومبيت في العالم، حدث فنيّ استثنائي سيتردّد صداه طويلاً في ذاكرة الجمهور اللبناني. أمّا بالنسبة إلى «ليبان الجاز»، فتمثّل زيارة هذا الموسيقي العتيق إنجازاً مهنياً يكرِّس ست سنوات من الخبرة. شهد هذا المهرجان الدائم، منذ انطلاقته في صيف 2004، مواعيد موسيقية، بعضها نادر، مع رموز الجاز المعاصرين...
وتأتي أمسية رافا هذا الأحد، لتمثّل الحفلة الأربعين في رصيد المهرجان، الذي عُرِف بتوجّهه نحو الجاز الفرنسي (أو الفرنكوفوني عموماً) بالدرجة الأولى، والجاز الأوروبي بالدرجة الثانية... كما أعطى مساحة للحالة الأميركية والتجارب الهجينة التي تجمع الجاز بتياراتٍ وإثنياتٍ موسيقية مختلفة، فنجح غالباً، وأخفق في بعض المرات. الحفلة المرتقبة ستعطي انطلاقة قوية لبَرْمجة السنة الجديدة التي يخصصها «ليبان جاز» للاحتفاء بمعلّمي موسيقى الجاز حول العالم. إنها أيضاً مناسبة لتعزيز الاهتمام بالجاز الإيطالي، بعد حفلات عازف الترومبيت العالمي باولو فريزو وفرقة Air، وغيرهما...
يستهل «ليبان جاز» إذاً نشاطه لسنة 2010 بحفلة إنريكو رافا، «ظِلّ مايلز دايفس وتْشات بايكر مجتمعَين»، كما وصفته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركيّة. وتأتي المحطة اللبنانيّة للفنان الإيطالي، ضمن الجولة الخاصة التي يقوم بها مع فرقته الخماسيّة لترويج ألبومه الأخير New York Days الذي صدر في كانون الأول (ديسمبر) الماضي عن شركة ECM. مع هذا الإصدار، يضيف العازف الغزير عنواناً جديداً إلى ما يقارب أريعين أسطوانة خاصة، تعود بواكيرها إلى مطلع السبعينيات.
ليس تشبيه النقاد له بمايلز دايفِس كلّ ما يجمع رافا بأسطورة الجاز الأميركيّ، إذ مثّل تأثره بهذا الأخير مفصلاً مهمّاً في مسيرته. حتّى الثامنة عشرة عزف الموسيقي الإيطالي على الترومبون، لكنه سرعان ما استبدل آلته الأساسية بالترومبت، بعدما شاهد حفلة حيّة لدايفِس، الذي كان في ذلك الحين قد احتلّ مكانه بين كبار رموز الجاز. التقط رافا من دايفِس كيفيّة تكثيف المشاعر وحصْر التعبير عنها بقليل من النغمات. هكذا، شقّ طريقه عازفاً في فرقٍ محلية، تحت أجنحة روّاد الجاز في إيطاليا (أمثال غاتو باربييري). بعد ذلك، انتقل أواخر الستينيّات إلى نيويورك، ليحتل شيئاً فشيئاً مكانته الموسيقية، ويعزف ويسجل إلى جانب عددٍ من الأسماء المرموقة الذين جمعتهم عاصمة الجاز في العالم تحت جناحها.
تأثر آنذاك بالـ Be-Bop، من جهة، وبالجاز الحرّ (وحتى التجريبيّ) من جهة أخرى، فانطبعت شخصيته بهذين التيارَين المختلفَين. بقي حتى آخر تسجيلاته أميناً للنغمة الجميلة والبسيطة كأساس في التأليف كما في الارتجال، مع الإبقاء على التعبير الحرّ من دون السماح لهذا النمط باحتكار الجو العام. وإلى جانب الجاز، يهوى إنريكو رافا الأوبرا. وقد ترجم هذا الشغف بألبومَين هما Opera Va وCarmen، وضع فيهما رؤيته «الجازيّة» لمقطوعات ومؤلفات من كلاسيكيات هذا الفن.

يعتمد النغمة الجميلة والبسيطة أساساً في التأليف والارتجال
كمعظم الموسيقيّين الناضجين، يعتمد رافا التنويع على موضوعة حتى استنزاف طرق التعبير عنها، بطريقة مينيمالية تعكس خبرته الطويلة. هذا ما يميّزه عن زميله، وشريكه الأساسي منذ التسعينيات، عازف البيانو ستيفانو بولاني (1972) الذي يرافقه مع آخرين في حفلته البيروتية. فهذا الموسيقي الإيطالي الشاب، لا يعتمد لعبة اختزال الجملة الموسيقية المرتجلة بما قلّ ودلّ، ويبالغ أحياناً في الحركات المتكلِّفة لتمثيل الأحاسيس، كالوقوف والجلوس وضرب القدم على الأرض (على طريقة العازف الأميركي كيث جارِت). كذلك، يسعى أحياناً إلى توسيع المجال الصوتي النغمي للبيانو عبر اللجوء إلى الأسلوب التجريبي (الضرب على أوتار الآلة وهيكلها الداخلي). لا يعدّ هذا نقصاً بالمطلق، لكنّه لا يجد مبرراً له أحياناً إلّا لفت الأنظار، وخصوصاً خلال العروض الحيّة.
بطبيعة الحال، ستمثّل الأعمال التي حَوَتها أسطوانة إنريكو رافا الأخيرة New York Days الجزء الأكبر من برنامج أمسيته المرتقبة، تُضاف إليها بعض كلاسيكيات الجاز لخلق الحد الأدنى من تآلف الجمهور مع مادة البرنامج.


9:00 مساء الأحد 7 شباط (فبراير) الحالي ـــــ «ميوزكهول» (ستاركو/ بيروت) ـــــ للاستعلام: 01/999666