محمد شعير كان يمكن أن يمر «معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ42» بهدوء لو لم يقتحم رجال الأمن أول من أمس الأجنحة التي تعرض «الزعيم يحلق شعره»، ويصادروا رواية إدريس علي، ويقبضوا على صاحب دار «وعد» الجميلي أحمد شحاتة. أمّا التهمة، فهي انتقاد الرواية للرئيس الليبي معمر القذافي.
في الأعوام الماضية، صودرت أعمال بتهم مطّاطة مثل الاعتداء على ثوابت الأمّة، أو الحديث في الجنس والدين والسياسة، لكنها المرة الأولى التي يُقبض فيها على ناشر بسبب رواية تتناول رئيس دولة شقيقة. العمل هو الجزء الثالث من رباعية «كتابة البوح»، وهي سيرة إدريس علي الذاتية التي بدأها مع رواية «تحت خط الفقر» (2005)، ثم «مشاهد من قلب الجحيم» (2006)، وأخيراً «الزعيم يحلق شعره» قبل أربعة أشهر.
يروي علي هنا السنوات الأربع التي قضاها في ليبيا (1976 ـــــ 1980) ويرصد «الحياة الاجتماعية هناك، وأثر القرارات الجديدة للقذافي (وخصوصاً قراري «شركاء لا أجراء» و«البيت لساكنيه»)، إضافةً إلى حقبة إعلان السادات الحرب على ليبيا، والانتهاكات التي تعرّض لها المصريّون في الجماهيريّة خلال تلك الفترة. عنوان الرواية مأخوذ عن خطاب القذافي، الذي حلم بأن حلاقاً يغتاله، فقرر إغلاق كل صالونات الحلاقة، وطلب من الليبيين «حلق أنفسهم».
يقول إدريس علي إنّه لا يخشى الموت بل يسعى إليه، لكنه يخشى البهدلة والاعتقال. وقد فوجئ الرجل قبل صدور قرار منع توزيع روايته، بقطع هاتف منزله، إضافةً إلى تلقّيه تهديدات بالاغتيال «عندما سافرت إلى مطروح (ثانية أكبر المحافظات المصريّة ـــــ شمال غرب) للمشاركة في ندوة، أخبرني أحد موظفي قصر الثقافة هناك أن حياتي مهدّدة، ولا بدّ أن أغادر المكان فوراً». ويضيف إنّه ليس من هواة الشهرة، ولم يوزّع نسخاً من العمل على الصحف أو النقّاد، حفاظاً على أمن الناشر، وخصوصاً أنّه تقدّم بالرواية إلى المجلس الأعلى للثقافة فرفض نشرها، رغم أنه نشرها ضمن منحة تفرّغ من المجلس نفسه، كما رفضت «دار الشروق» نشرها أيضاً... جهات قانونية ومنظمات حقوق الإنسان بدأت تتدخل، كما أن اتحاد الكتاب المصريين أرسل محامي الاتحاد لمرافقة الناشر خلال التحقيق.