نوال العليردّ مدير التحرير في «دار الريس» أيمن سنّو («الأخبار» 30/1/2010 ــــ ص 4) مشكوراً على عرضنا لرواية «ليلة الدخول إلى الجنة». وفي ردي عليه أحب أولاً إبعاد مؤلف الرواية روكز اسطفان عن مدار المقال، للتركيز على مهمات المحرر في الدور العالمية. وقبل ذلك أيضاً، أود أن أوضح لسنّو أنّ القراءة مسألة شخصية. أجل. الثقافة كلها مسألة شخصية. وقد انضممت إلى معسكر القراء، على قلتهم، الذين يدافعون عن حقّهم في قراءة كتب جميلة. تستخدم الأكاديمية الأميركية للبحوث السياسية والاجتماعية تعبيراً دالاً ومؤثراً للإشارة إلى دور المحررين في دور النشر. إنّهم «الحراس المجهولون لبوابة القوى الثقافية» (مقال Shapers of Culture: The Editor in Book Publishing لمايكل لين). عادة ما يكون هناك أربعة محررين في الدار: محرر الاقتناء، ومهمته هي العثور على النصوص الجديدة ودراسة سوق نشرها، ثم يُعطي الكاتب خطوطاً عريضة يطور بها نصه. أمّا محرر المحتوى، فهو صديق الكاتب في الدار، يعمل على تطوير النص والاختصار أحياناً، والطلب من المؤلف الإطناب في مواضع أخرى. ويحق للمؤلف رفض هذه العين التي ترى عيوب العمل وقوته أيضاً. وهذا هو المحرر الذي كنّا نفتش عنه في مقالتنا موضوع هذا النقاش.

هل كفرنا حين طالبنا بمحرر يكون خط دفاع بين الدار وإصدار كتاب رديء؟

ويسلّم الأخير المخطوط إلى محرر الإنتاج الذي يشرف على طباعة المخطوط وتصميمه. وأخيراً، يقع المخطوط في يد المنقّح، فيقرأ النص سطراً سطراً ثم يتأكد من سلامة اللغة، حتى أنه يراجع تناسق نبرة المؤلف في النص. وقد وُصف هذا المحرر بأنّه «يضع بنية موازية للنص الأصلي» وهو خط الدفاع الأخير ضد الكتابة الرديئة. ودعوني أصفه هنا بصديق القارئ في الدار. كل النصوص حتى الممتازة تمر على هؤلاء. أجل يا أستاذ سنّو، الكاتب المحترم يقبل أن يقع نصه بين أيد تحترمه وتنشره في أفضل حالاته. وغالبية الكتاب العالميين الذين قرأنا لهم مرّوا بهؤلاء المحررين، فهل تشكّ في أنهم كتاب كبار يحترمون أنفسهم وقارئهم؟
وفي وقت نساجل دور المحرر هنا، و«نزعل» بعضنا من بعض إن قلنا عن كتاب إنه ضعيف في هذا الموضع أو ذاك، تكتب آمي غريكو مثلاً في موقع The new Sleekness مقالاً عن «ثلاث مهمات ينبغي لدور النشر القيام بها في 2010». نذكر منها ضرورة وجود المحرر الذي «يساوي وزنه ذهباً». نحن نضم صوتنا إلى آمي، ونطالب بمحرر يصلح لأن يكون حارساً مجهولاً، وخط الدفاع بين الدار وبين إصدار كتاب رديء. فهل كفرنا؟