بغداد ـــ حسام السراي في الآونة الأخيرة، توالت الفعّاليات التي نظّمها «بيت المدى» واحتفت بعدد من الكتّاب والفنانين الراحلين، الذين باتوا رموزاً في المشهد الثقافي العراقي. أوّل المحتفى بهم كان الكاتب الراحل شمران الياسري (1926 ـــــ 1981) المعروف بـ «أبو كاطع». خلال الجلسة التي أقيمت في مقرّ «بيت المدى» في شارع المتنبّي، تحدث الكاتب عبد الرزاق الصافي عن أنّ «ظاهرة «أبو كاطع» تمتّعت بميزات عدّة، أهمها إبداعه الأدبيّ الذي تمثّل في رباعيته الشهيرة، التي خلقت شخصيات وعوالم تتماهى مع الروح الأصيلة للبيئة الريفيّة العراقيّة... حتى عدّت هذه الرباعيّة واحدة من علامات الإبداع في حقل ما يسمّى «الرواية الريفيّة» على مستوى الإنتاج الأدبيّ العربيّ». كذلك أعلن إحسان الياسري، نجل الكاتب، عن مسعى العائلة إلى تحويل دار والده إلى ملتقى ثقافي في بغداد.
وفي فعالية أخرى لـ «بيت المدى»، جرى الاحتفاء بالشاعر محمد مهدي البصير (1895 ـــــ 1974). وأول المتحدثين كان الفنان الرائد يوسف العاني، الذي قال «تشرّفت بتمثيل شخصيته على الشاشة حين عرض عليّ المخرج الكبير محمد شكري جميل في أواخر 1985 وأوائل عام 1986 أن أُجسّد شخصيّة الشاعر والمفكر الكبير محمد مهدي البصير».
بعدها تحدث الناقد شكيب كاظم السعودي عن فترة اشتراكه في الثورة العراقيّة، التي دوّن خلالها البصير ملاحظاته وآراءه في كتاب سمّاه «تاريخ القضيّة العراقيّة»، فضلاً عن كتب عدّة عُدّت مراجع لطلبة كليات الآداب في العراق منها كتابه «في الأدب العباسيّ» و«عصر القرآن». وحين أصدر طه حسين كتابه الشهير «في الشعر الجاهليّ» (1927) الذي أثار جدلاً كبيراً، كان للبصير شأن في الاشتراك في تلك الضجّة، فناقش طه حسين عبر كتابه «بعث الشعر الجاهليّ».
الفعالية الثالثة التي أقامها «بيت المدى» كانت استذكار الشاعر عبد الوهاب البياتي (1926 ـــــ 1999). في مداخلته، أشار الناقد فاضل ثامر إلى «أنّ التقويم التأريخيّ للحداثة الشعريّة وريادتها، يكاد يقتصر على اسمين هما نازك الملائكة والسيّاب، إلّا أنّ حركة الحداثة أوسع من هذا الجهد الفرديّ».

الملائكة ــ السيّاب ــ البيّاتي، أو المثلث العراقيّ للريادة الشعرية


وأضاف: «لهذا، أنا أذكر أنّ المثلث العراقيّ للريادة في الشعر الحرّ هو نازك الملائكة والسيّاب والبياتي، ذلك أنّ تجربة البياتي من التجارب الفريدة التي وقفت إلى جانب تجربتي الملائكة والسيّاب». وبيّن الناقد سمير الخليل أنّ «البياتي لم يعد إلى عمود الشعر، ولم يعاوده بحكم بدئه متأخّراً عن الروّاد نسبياً، وتأثّره بهم، وبحكم بقائه شاعراً بعدهم، وبحكم ما جدّ في ساحة الشعر في لبنان ومصر والعراق».
وضمن سلسلة نشاطاتها الشهريّة، أقامت «مؤسسة المدى للثقافة والفنون» في قاعة «منتدى بغداد الثقافيّ» في حديقة الأمة قرب نصب الحريّة، معرضاً للكتاب استمرّ أسبوعاً، وضمّ عناوين مختلفة، توزّعت بين الشعر والقصة والرواية، والعلوم، فضلاً عن الدراسات في تاريخ العراق الحديث.
المشرف على المعرض باسم ناصر قال إنّ «هذا هو المعرض الثاني الذي يُفتتح في منتدى بغداد الثقافيّ، ويندرج ضمن مشروع مشترك مع أمانة بغداد لإقامة النشاطات الثقافيّة، بينها إقامة معارض للكتب. وتهدف هذه النشاطات إلى إيصال الكتاب الى أبعد نقطة في بغداد».