زينب مرعيمات المصوّر، لكنّ الصورة بقيت. قامت برحلتها عبر الزمن، لتحيي الماضي وتحرّك الحنين. زاهي الأربعيني يقف أمام صورة له وهو طفل، سرقها له مصوّر عام 1975 في ضيعته الجنوبيّة، وها هي تجد طريقها اليوم إلى معرض صور في بيروت عن أطفال الحرب. ومن خلال الفلاش باك، يحكي لنا شريط ناصر عجمي «بالبال» قصّة حنين إلى ذلك الزمن الآخر. يتناول يوميات قرية جنوبيّة على مشارف الحرب الأهلية اللبنانيّة. وكما القرية وأهلها، تنساب إليك فكرة الفيلم ببساطة. لا يباغتك عجمي بشعارات دينيّة وأيقونات موزّعة في كلّ مكان. يجعلنا نستنتج أنّ هذه القرية مختلطة يعيش فيها مسلمون ومسيحيون، من خلال إحالات بسيطة، كحجاب المرأة الجنوبيّة، نجيبة (حنان الحاج علي)، أو أجراس الكنيسة التي تُقرع لدى وفاة المصوّر. هو شريط بسيط، كما يقول عجمي نفسه «أعيد فيه إحياء ذكرى جيل عاش لحظة تاريخيّة فقدناها. هذه الضيعة التي تُمثل البراءة، والطبيعة والبساطة أنتجت مثقّفين وأفراد جعلت منها الحرب نماذج مضطربة، تماماً مثل شخصية زاهي الراشدة (منذر بعلبكي) في الفيلم».

«بالبال» غطّى ضعف السيناريو بالإضافات المشهديّة
الإحالات الزمنيّة تمرّ بخفّة أيضاً. صوت الراديو الذي يعلن اغتيال معروف سعد، يحدّد أننا على مشارف الحرب الأهليّة عام 1975. عجمي الذي يخوض هنا تجربته الإخراجية الثانية بعد شريطه الوثائقي «جرجاره» عن صيادي السمك في منطقة صور، يرى أنّ «البعد الإنساني للفيلم هو الأهم». زاهي الذي يستعيد طفولته في بيت جدّه (منير كسرواني) وبين عمّتيه نجيبة ودلال (دلال بزّي) في ضيعته إبّان الحرب الأهليّة، لديه أمنية بسيطة: اقتناء بيت «لعبة». وبعدما يعجز عن الحصول عليه، يقرّر أن يبنيه بعلب السجائر. تساعده في ذلك يارا، صديقته الخياليّة. هذا البيت هو بالنسبة إلى عجمي رمز الأمان الذي يبحث عنه الجنوبي الذي بدأت معاناته قبل الحرب اللبنانيّة، مع التهجير الذي تعرّض له على يد الإسرائيلي.
تجربة عجمي الأولى مع السينما الروائيّة كانت بمثابة تحدٍّ. إذ اكتشف حجم النقص الموجود في كتابة السيناريو في لبنان. لم يجد من يستطع أن يجسّد فكرته باحتراف على ورق. من هنا، يعترف عجمي بالثُّغَر الموجودة في سيناريو فيلمه، ويضيف أنّ حنان الحاج علي ومنير كسرواني أضافا إلى العمل من هذه الناحية عبر ارتجالات جعلت العمل أكثر إقناعاً. هذه المشكلة حاول المخرج تعويضها بالتركيز على التصوير والمشهديّة، لكنه في الوقت ذاته يقول إنّ هذه المشكلة تلاحقه، ويخشى أن تنعكس على مشروع إنتاج فيلمين جديدين يعدّ لهما حالياً.


7:00 مساء اليوم ـــــ «المكتبة العامة لبلدية بيروت» (الباشورة/ بيروت) ـــــ للاستعلام: 01/667701