Mtv في الخطوط الأماميّة مع «أخبار المستقبل»، وlbc خرجت من حلقة الدبكة، و«الجديد» حائرة، وOTV و«المنار» وnbn اكتفت بالحدّ الأدنى. ثورة الأرز بخير طمئنونا عنكم...
ليال حداد
في 14 شباط (فبراير) 2010، بدا أن كل شيء تغيّر: الخطابات السياسية، الشعارات المرفوعة، الأعلام المرفرفة، الحشود الموجودة، والأهمّ... التغطية الإعلامية. وحدها الحملة الإعلانية الكبيرة التي سبقت المناسبة بقيت كما هي. في الذكرى الخامسة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، لم تعد الصورة وسيلة بروباغاندا لـ«ثورة الأرز»، كما كانت في السنوات الماضية، بل باتت أقرب إلى «جبهة إنقاذ» لتجمّع 14 آذار، الذي يكابر في الاعتراف بالتحولات التي غيّرت وجوده.
الصورة أنيط بها هذه المرّة أن تقدّم إلينا «الحقيقة» الافتراضيّة التي هي نقيض الواقع تماماً: سمير جعجع خلف الزجاج المصفّح يحكي بلطف عن الدولة والمؤسسات، فؤاد السنيورة داعية «الاعتدال العربي» يعلن إسرائيل «عدواً» لطيفاً، لا يدمّر بلادنا إذا لم نعطه الذرائع، وسعد الحريري يطالب بتوسيع ساحة الشهداء، علماً بأن استثمارات «سوليدير» هي التي تضيّقها. ما زال رئيس الحكومة يريد «الحقيقة»، بمعزل عن العلاقات الندّية بين لبنان وسوريا، التي استعادها في أحضان السعوديّة. (هنا تقطف كاميرا «أخبار المستقبل» صورة عملاقة للعاهل السعودي على جدار «فيرجن»). وحده عريف الحفلة جورج بكاسيني، الذي طمأننا إلى أن «عددنا مليون»، ما زال يتكلّم بالحدّة القديمة. لا بدّ لهذا الإعلامي من جهد إضافي كي يلتحق بالمرحلة!
ما قالته الصورة على شاشاتكم يوم أمس، كان لا بد من قراءته بتقنيّة المرايا المعكوسة. انخفضت حدّة الخطابات، وارتفع منسوب الوحدة الوطنية، التي بلغت ذروتها عند «تعانق» أذان المساجد وأجراس الكنائس. الباقي تولّته حنجرة عبد الكريم الشعار وصحبه، جوزيف عطية وبريجيت ياغي ورنين الشعار.
التغطية التي سبقت المهرجان لم تكن بعيدة عن حالة الإنعاش إيّاها. تفاوت اهتمام المحطات اللبنانية بالحدث. وحدها الصورة على «أخبار المستقبل» لم تختلف عمّا كانت عليه في السنوات السابقة. تغطية التجمّع في «ساحة الحرية»، تقارير من مختلف المناطق اللبنانية، وجولة على أهالي بيروت «لتجديد الولاء للشهيد، وللشيخ سعد»... حتى إنّ المحطة دخلت إلى غرف نوم المناصرين في الصباح الباكر كي تستطلع آراءهم في المناسبة. فيما أصرّت في شريطها الإخباري أسفل الشاشة على تعداد أسماء الأحياء البيروتية الضيّقة التي شارك أهلها في لقاء ساحة الشهداء: من الملّا إلى الزيدانة مروراً بالمصيطبة.
Mtv غير معنيّة بتمويه هويتها السياسية ولا انحيازها، نقلت

هنا تقطف كاميرا «أخبار المستقبل» صورة للعاهل السعودي على جدار «فيرجن»

التجمّع وأصرّت في نشرتها الإخبارية عند الساعة الثانية من بعد الظهر، على عرض تقرير من الساحة يؤكّد «أنّ اللبنانيين لم يخذلوا من دعاهم، فكانوا أوفياء كالعادة للذكرى و... للقضية». كما أوردت تقريراً آخر، ركّز على المشاركة المسيحية الكثيفة في الذكرى، من البترون إلى جبيل فكسروان والكورة ومرجعيون.
«أخبار المستقبل» وMtv في «خندق واحد»، بينما «الجديد» حائرة، وOTV وlbc، في مكانٍ آخر، إذ اقتصرت تغطيتها على الخطابات التي ألقيت. غير أن الشاشة البرتقالية عادت إلى قواعدها, فركّزت في تقرير إخباريّ لنانسي صعب على صورة للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز. أما «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، فكانت إعادة تموضعها السياسية واضحة. بعد سنوات من المواكبة للذكرى، اكتفت أمس بنقل الخطابات الأربعة، لتعود إلى برمجتها العادية. وفي الإطار نفسه تندرج تغطية «الجديد»، التي ركّزت على غياب وليد جنبلاط، وعلى الحشد القواتي الكبير. اللافت كان مواكبة «المنار» وnbn. بدت القناتَان متّفقتين على إهمال التجمّع، والاكتفاء بنقل كلمة رئيس الحكومة.
الذكرى الخامسة لاغتيال رفيق الحريري، أعلنت عهداً إعلاميّاً جديداً، سيتبلور تبلوراً أوضح في المرحلة المقبلة.