بيار أبي صعبالشهرة «مخادِعة» حين تأتي شاعراً من خارج النصّ. نتكلّم على الشاعر الذي يتحصّن بالوحدة كي يجالس شياطينه الأليفة، ويفضّل على الصخب الكاذب «تابوتاً يفهمه» بتعبير بودلير. وربّما أضرّ التلفزيون بزاهي وهبي أكثر مما خدمه. فالمدح يأتي غالباً في غير مكانه لدى التعامل مع شاعر من نجوم الشاشة الصغيرة، والنقد يأتي في غير مكانه أيضاً، إذ ينطلق من موقع العداء المسبق للرجل، أو موقع الحذر منه في أفضل الحالات. بين حفاوة الجماهير المشدوهة وازدراء النخبة المتيبّسة، قد يضيع شيء أساسي له علاقة بالكتابة وحدها.
«التلفزيون يدفع إلى الجنون، لكنّني أعالج نفسي» حسب عنوان كتاب من تأليف برونو مازور، أحد أشهر وجوه التلفزيون الفرنسي في التسعينيات. زاهي وهبي يتعالج بالكتابة على الأرجح. يخيّل إلينا أنّه يهرب إليها ليلتقي نفسه. يحاول الابتعاد عن صورته العامة، ويفلح في بعض الأحيان. في «جهة الصواب» (سلسلة «حبر وملح»، «منشورات الاختلاف»/ الجزائر، «الدار العربية للعلوم ناشرون»/ بيروت) تتعرّف بين السطور إلى ذلك الشاب الذي كان مسكوناً بمشاغل أدبيّة ووطنيّة جمّة. إنه هنا، بقاموسه ومرجعياته ومشاعره ومواقفه (الجزء الثاني متمحور حول الجرح الفلسطيني). تقترب من زاهي كما يحدث حين تلتقي أحد المشاهير في الكواليس: مباشرة بعد مغادرته الخشبة، حين يبدأ بخلع دوره. المقالات والتداعيات والقراءات تبدو متقاربة ومتكاملة، في كتاب يخدمها أكثر من صفحة الجريدة التي احتضنت نشرها الأوّل... «إن الانتماء إلى قضايا الأمّة وناسها ــــ يكتب ــــ هو انتماء إلى الفرح (...) والحريّة (...) والحياة... الحياة الأفضل، الحياة التي تستحقّ الحياة».