محمد عبد الرحمنلم تكن صورةً واحدةً تلك التي نقلتها وسائل الإعلام المصرية عن وصول محمد البرادعي إلى القاهرة يوم الجمعة. الحرية التي تمتعت بها الصحف المصرية في نقل الحدث، لم تكن ذاتها على الفضائيات الخاصة. هذه الأخيرة تعلم أن التعامل مع الحدث السياسي الشائك يكون عادةً محفوفاً بمخاطر قد تؤثر في القناة ومصالحها.
وفيما حوّر بعض الشباب أغنية محمد منير «شدي القلوع يا مراكبي... مفيش رجوع يا مراكبي» إلى «مفيش رجوع يا برادعي» خلال استقبالهم صاحب «نوبل» في المطار، تعامل الإعلام المكتوب مع البرادعي باعتباره مرشحاً حقيقياً للرئاسة. هكذا، انحازت جريدة «الدستور» له، رغم أن الرجل لم يُعلن ترشيح نفسه للانتخابات، بل طالب بتغيير الدستور الذي يسمح لمرشح الحزب الوطني فقط بالوصول بسهولة إلى القصر الجمهوري. في هذا الوقت، حاولت الصحف الخاصة الالتزام بالتغطية المحايدة، ومعها بعض الصحف الحزبية، وإن تعامل بعضها ببرودة مع البرادعي. أما الصحف الحكومية، فلم تشنّ هجوماً مباشراً على البرادعي، على عكس ما حدث حين أطلق تصريحاته الأولى بإمكان دخول السباق وفق شروط محددة. هكذا، تعلّم صحافيو الحكومة الدرس، ولعبوا على مخاطبة قرائهم من باب أن البرادعي شخصية محترمة لكنه لا يصلح للرئاسة لأسباب عديدة، أبرزها ابتعاده الطويل عن الساحة المصرية. وتلك المعطيات كانت سبباً في شنّ مناصري البرادعي هجوماً حاداً على الإعلامية منى الشاذلي، على عكس ما حدث مع عمرو أديب. بعدما نجحا في استضافة الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ركّزت الشاذلي في أسئلتها على ترداد كلام المشككين

منى الشاذلي أسكتت مناصري صاحب «نوبل»... وعمرو أديب مع الناس
القائل إنّ البرادعي يدعو إلى انقلاب دستوي. ولم تمنح الشاذلي فرصةً لمناصري البرادعي بالاسترسال في الاتصالات الهاتفية. هكذا، قطعت الاتصالات سريعاً مع الأديب علاء الأسواني والإعلامية هويدا طه. قد يكون موقف منى مفهوماً في ظل حرص إدارة «دريم» على عدم تجاوز الخط الأحمر تفادياً لأيّ أزمات قد تنتج عن اتهام القناة بأنها تروّج لمرشح محتمل لمنافسة الحزب الوطني الحاكم. وهو ما يفسّر أيضاً ابتعاد باقي القنوات المصرية الخاصة عن الدخول في سباق استضافة البرادعي، أو فتح النقاشات الموسّعة حول عودته إلى القاهرة، وتحركاته السياسية مستقبلاً. أما عمرو أديب، فأفاد كالعادة من كونه الأول الذي يستضيف البرادعي مساء السبت، فيما استقبلته الشاذلي يوم الأحد.
وخلال حلقة عمرو أديب، أدى أحمد موسى، الصحافي في جريدة «الأهرام»، الذي يشارك في تقديم بعض حلقات «القاهرة اليوم» على «أوربت»، دور ممثل الحكومة، فيما تولّى أديب الكلام بلسان الناس. وهو الأمر الذي أخذ اللقاء إلى برّ الأمان، وخصوصاً أن «أوربت» تتمتع بهامش حرية أكبر لكونها قناةً مشفرة. أضف إلى ذلك العلاقة القوية بين عائلة أديب وعائلة حسني مبارك، ما يتيح لعمرو أديب استضافة شخصية مثل البرادعي تنتقد النظام الحاكم من دون أن يُتّهم أديب بأنه معارض لهذا
النظام.