الجزائر ــ سعيد خطيبيبينما تشهد السّاحة الإعلامية في الجزائر، تزايد أعداد الصحف المتخصصة في الشؤون الرياضية (ارتفاع أرقام مبيعات يوميتَين رياضيتين وثلاث أسبوعيات) وتتمتّع الصحافة المهتمة بالشؤون الدينية بحالة استقرار نسبية، مع بروز أربع أسبوعيات مستقلة، تبقى الصحافة الثقافية المتخصصة هي الغائب الأبرز عن المشهد الإعلامي في الجزائر. ولعلّ أكثر ما يلفت انتباه المراقبين أن الصحافة الثقافية، تبقى حكراً على مبادرة وزارة الثقافة، التي تشرف على إصدار مجلتََين هما «الثقافة» و«آمال». وترتبط هاتان المجلتان بصبغة المناسباتية وعدم مواكبة تطلّعات القارئ بسبب اقتصارهما على ترويج أطروحات وأفكار تصبّ في خدمة مصالح الدوائر الرسميّة. إضافةً إلى فشل وزارة الثقافة في ضمان توزيعهما، وبالتالي غيابهما حتى عن رفوف أكشاك الجزائر، العاصمة، ومكتباتها.
وبالعودة إلى ثمانينيات القرن الماضي، كانت الساحة الثقافية، في الجزائر، تعجّ بعدد كبير من الدوريات والمجلات المتخصصة، على غرار «الثورة الأفريقية»، و«الوحدة». ومن المعروف أن الجزائر كانت في نهاية الثمانينيات، السبّاقة في إطلاق مشروع مجلة ثقافية ذات بعد مغاربي، تحت عنوان «المسار المغاربي» (باللغتين العربية والفرنسية)... قبل أن تختفي، مبكراً، مطلع التسعينيات، وتدخل البلاد حالة فراغ في مجال الصحافة الثقافية.
كما أن مبادرات بعض الجمعيات والأفراد من أجل تأسيس مجلات ثقافية تبقى خاضعة لمجموعة من العوائق، وخصوصاً الماديّة منها. خلال السنتَين الماضيتَين، وصل مشروع المجلة الثقافية C News إلى طريق مسدود. والمصير نفسه واجهته مجلة «مسارات». مع الإشارة إلى التذبذب النسبي في إصدار مجلة «التبيين»، التي تشرف عليها جمعية «الجاحظية» التي يرأسها الروائي الطاهر وطار.
أمام هذا الوضع، تحوّلت الجزائر إلى سوق مفتوحة على مختلف المطبوعات الصحافية الثقافية الأجنبية، على غرار «أخبار الأدب» المصرية، وعدد من المطبوعات القادمة من فرنسا، مثل «ماغازين ليتيرار» (الصورة) و«لير». وفي الوقت الراهن، تسعى الصحافة اليومية إلى سدّ حالة الفراغ من خلال فتح مساحات (مع أنها غير كافية) لنشر المقالات وإثارة النقاشات. ويشاركها، في المسعى ذاته، بعض المدوّنات والمواقع الثقافيّة على الإنترنت، وخصوصاً موقع «أصوات الشمال»، الذي يحاول التنفيس عن تطلّعات كتّاب جزائر الداخل ومثقّفيها.