نجوان درويش
المشروع الصهيوني اختطف جزءاً من أبناء فلسطين
يتناول الشريط قصة الشاب يامن زيدان، السجان السابق في سجون الاحتلال الذي قُتل شقيقاه المجندان في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أحدهما قتل في جنوب لبنان والآخر في بيت لحم. ويحكي كيفية «عودته إلى ذاته»، بتأثير بعض الأسرى كسمير القنطار، ليصبح محامي دفاع عن الأسرى الفلسطينيين. ويرصد ردّة فعل محيطه، وخصوصاً العائلة، على هذه العودة التي لا تبدو أمراً سهلاً في مجتمع ما زال واقعاً في شباك التجنيد الإجباري في جيش الاحتلال.
على رغم هذا الخط العريض الإيجابي للقصة، ينقل الشريط المأزق الذي تعيشه الشخصيات، بين قتامة الواقع وتفاؤل الإرادة. وإن كان الشريط يدور في قرية في الجليل الفلسطيني المحتل مع أبناء الطائفة الدرزية، فإنه يشير إلى مأزق أوسع يتعدى الطائفة الدرزية إلى شعب شوّهت ستون سنة من الاحتلال بعض قسماته وملامحه، حيث آثار العنف الاستعماري الرهيب والسلخ الذي مارسته مؤسسة الاحتلال الإسرائيلي على هذا المجتمع.
لا نعرف إن كان عنوان كتاب أنور السادات الدعائي «البحث عن الذات» قد خطر في بال صنّاع الفيلم. لا علاقة طبعاً بين شريط بلال يوسف وموضوع الكتاب (سيرة حياة السادات، كما دبّجها في كتاب يقدّم لوصوله كبطل على «طريق السلام»)، لكنّ ثمة نوعاً من المقولة المقلوبة. إن كان كتاب السادات، في الحقيقة، إمعاناً في الهرب من الذات؛ فهذا الشريط يندرج في أكثر المواجهات ضراوةً مع الذات، وأكثرها شجاعة أيضاً، أي مواجهة التشوّهات التي صنعها العنف الاستعماري.