سناء الخوري
لا تظلم عرض «في قلب قلب جسد آخر» لناجي صوراتي إن وصفته باللعبة الهستيريّة. إن كنت قادماً إلى مسرح «غولبكيان» (الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة) لتشاهد عرضاً مسرحياً تفهمه، وتخرج بعد ساعة مشبعاً بأمثولة، أو حكمة، أو إجابة عن أسئلة وجوديّة، فعد أدراجك. كل ما ستخرج به من آخر أعمال ناجي صوراتي هو ألم في القلب، وضيق يشوّش أحاسيسك الأخرى. يشرك المسرحي الشاب في عمله الجديد 15 ممثلاً، معظمهم من طلابه في الجامعة، في مشروع قائم على دسّ نصّ شعري لإتيل عدنان في قالب من الموسيقى والحركة والمؤثرات البصريّة. نجدهم يصرخون «من يعوقنا عن التقبيل؟ أفعى ميتة في القلب. قلب أصفر، قلب أزرق وأرجواني، عائم في بركة دم»، ثمّ يندفعون في لعبة تتجاذبها نزعتا الحياة والموت، وفي حلقة مفرغة يعززها ديكور مشبع بالمثلثات والأهرام. العنوان مأخوذ من كتاب لعدنان صدر عام 2005، بعنوان «في قلب قلب وطن آخر...»، وبالفعل يحتلّ القلب/ الوطن/ المدينة المساحة الأكبر من الكلمات. على خشبة وُضعت على جانبيها شاشتا تخطيط قلب، نرى المؤدّين يرمون أنفسهم على الأرض، أو يتعمشقون بأعمدة الخلفيّة، يصبحون أطفالاً حيناً، وشيوخاً أحياناً أخرى، يقتتلون، أو يتحابّون... يرقصون على أنغام الديسكو حيناً، أو يندسّون تحت الأرضيّة المتحركة ويحولونها إلى شكل قلب نابض. لعبة متسارعة لا تسمح لك بالتقاط أنفاسك، تنحو كثيراً إلى منطق الرقص المعاصر. في ركن على يمين الخلفيّة، تجلس سيّدة (هلا مصري) بملابس نوم حمراء،

عمل تجريبي، من دون حبكة ولا شخصيات، مسكون بأشعار إتيل عدنان

شعرها أبيض، تعلّق مصلاً، وتمسك عصا قائد أوركسترا تحركها على وقع الأنغام الكلاسيكيّة أو الصاخبة، ثمّ تصدح بأغنية «أنا قلبي دليلي...». نحن في قلب مسرح العبث! العمل تجريبي بامتياز، من دون حبكة، ولا شخصيات، من دون بداية أو نهاية... ناجي صوراتي الذي عانى من ذبحة قلبيّة قبل فترة، يحمّل عملَه وطأة تلك التجربة. قد يكون من غير المجدي البحث عن معنى مباشر للأشياء هنا، المعنى مستتر في الحالات والمناخات، في وقع الصدمة التي يحدثها العرض على المشاهدين. عرض سيجعلك تفكر ماذا تفعل بقلبك الأصفر: هل تبيعه للمدينة؟ هل تهرسه، أم تلتهمه، أم تقتلعه وترميه في المهملات؟ أم تتركه في قفصك الصدري ينبض من دون معنى؟


حتّى 17 الحالي ـــــ «مسرح غولبكيان»، LAU (قريطم/ بيروت). للاستعلام: 01/786464