إياد نصّار سيجسّد شخصيّة مؤسّس الجماعة ومرشدها الأوّلتخطّى المسلسل عقبة الرقابة ونجح في امتحان التمويل. لكنّ التسويق مسألة أخرى، خصوصاً مع امتناع المحطّات الخليجية عن عرض أي عمل يتناول الجماعة الإسلامية الأشهر
محمد عبد الرحمن
ربما كان تأسيس جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر عام 1928 أقل صعوبة من عمليّة إطلاق المسلسل الذي يروي تاريخ الجماعة الإسلامية الأشهر في العالم، ويبدأ تصويره تحت إدارة المخرج محمد ياسين خلال الأيام القليلة المقبلة. مع استكمال فريق العمل الذي يضمّ أكثر من 40 ممثلاً وممثلة و11 ممثّلاً من بريطانيا سيؤدون دور شخصيات إنكليزية، بات مؤكداً أنّ الممثّل الأردني إياد نصّار سيجسّد شخصية مؤسس الجماعة ومرشدها الأوّل حسن البنّا. وقد جاء ذلك ليضع حداً للشائعات التي تحدّثت عن بحث صنّاع العمل عن ممثّل آخر، مع انتقال الإنتاج من شركة «غودنيوز غروب» إلى شركة «ألباتروس». غير أنّ تمسّك وحيد حامد، عرّاب المسلسل ومؤلّفه، بالممثل الأردني وموافقة الرقابة أخيراً على النص، إضافة إلى إسناد مهمة الإخراج إلى محمد ياسين بدلاً من عادل أديب... كلّها أمور أسهمت في البدء بتصوير العمل الذي سيُعرض الجزء الأول منه (ينتهي عام 1950) في رمضان المقبل. أما الجزء الثاني فسيبدأ مع وفاة البنّا وصولاً إلى أيامنا هذه.
وفي وقت لم تصدر أي ردة فعل رسمية من جانب ورثة البنا أو جماعة «الإخوان المسلمين»، التي تعيش أزمةً سياسية في الوقت الراهن، يبدو أن صنّاع المسلسل مصمّمون على المضيّ قدماً في إنتاجه وتوفير ما بقي من الوقت لإنجاز العمل بصورة متميّزة. وهو ما أكّده المخرج الذي يقدّم نفسه إلى جمهور الشاشة الصغيرة للمرة الأولى بعد سلسلة أفلام كتبها وحيد حامد أبرزها «الوعد» و«دم الغزال».
حتى الساعة، رُشّح أحمد الفيشاوي لدور الملك فاروق، ويوسف شعبان لدور النقراشي باشا، وجمال سليمان لدور داعية إسلامي، والفنان السوري عابد فهد لدور اللورد لمبسون، والفنانة الأردنية صبا مبارك لدور الملكة نازلي، وأحمد راتب لدور النحاس باشا، وأحمد فؤاد سليم لدور أحد المرشدين، وعزت العلايلي لدور المستشار عبد الله كساب، بالإضافة إلى عبد الرحمن أبو زهرة وأحمد خليل وعبد العزيز مخيون وسوسن بدر وحسن الرداد وأحمد عزمي وصلاح عبد الله ويسرا اللوزي وكريم قاسم ورحاب الجمل وعبد الله فرغلي وياسر علي ماهر وفايق عزب وجلال عبد القادر.
غير أنّ هذه الترشيحات ما زالت غير مؤكدة، إذ لم تبدأ التعاقدات الرسمية مع الفنانين بعد. وهو ما أكدته لـ«الأخبار» المتحدثة باسم الممثلة صبا مبارك التي تحدّثت عن وجود اتصالات بشأن انضمام بطلة «بلقيس» إلى المسلسل المصري. لكنها لم تطّلع على التفاصيل بعد ولا تزال تنتظر معرفة مواعيد التصوير للتنسيق مع مسلسل «مملكة النمل» الذي ستبدأ مبارك تصويره في التوقيت نفسه.
ورغم تأكيدات وحيد حامد بأنّه تناول شخصية حسن البنّا وتاريخ «الإخوان» موضوعياً، إلا أنّه حرص حرصاً غير مباشر على تأكيد الجدل الذي سيثيره المسلسل من خلال تمرير أحد المشاهد الذي نشرته جريدة «المصري اليوم» أخيراً. والمشهد عبارة عن حوار بين البنا ومدير قناة السويس الفرنسي، حين كان نشاط الجماعة لا يزال محصوراً في منطقة الإسماعيلية. وفي الحوار، يشكر البنا محدّثه على التبرّع لبناء مسجد جديد في المدينة لكنه ينتقد ضعف المبلغ مقارنة بما تبرعت به الشركة، لبناء كنيسة للعاملين الأجانب في القناة. ويردّ الفرنسي بالقول إنه لا يستطيع دفع أكثر من ذلك وإنّ الكنيسة تعتبر خدمةً دينية للأجانب المقيمين في المدينة، ويشدّد على ضرورة أن يعرف أهل الإسماعيلية أن القناة هي التي تبرّعت لبناء المسجد. هذا فيما يمتنع البنا عن الرد على سؤال الرجل الفرنسي «ماذا تفضّل: الحاكم المسلم الظالم؟ أم الحاكم غير المسلم العادل؟»

سرّب وحيد حامد مشهداً من المسلسل بهدف إثارة الجدل
وقد تخطى المسلسل عقبة الرقابة ثم عقبة التمويل، غير أن عقبة التسويق تلوح في الأفق. إذ إنّ الكل يعلم صعوبة بيع الحلقات للقنوات الخليجية لكونها ترفض بث أي أعمال درامية تنتقد الجماعات الإسلامية. والأمثلة كثيرة على المسلسلات التي توقّف عرضها أو لم يُعد عرضها مرة أخرى للسبب نفسه، لعل أبرزها «الطريق إلى كابول». لكن مصدراً في الشركة المنتجة أكد لـ«الأخبار» أنّ التسويق لا يشغل بال فريق العمل في المرحلة الحالية، وأنّ سمعة المسلسل ونجومه سيسهِّلان المهمة لاحقاً. ويلفت المصدر إلى تعدد قنوات الدراما المصرية القادرة على دعم المسلسل حتى لو امتنع «التلفزيون المصري» عن الدخول في سباق عرض الحلقات تجنباً لأي أزمة قد يثيرها المتعاطفون مع الجماعة التي تحمل صفة «المحظورة» في الصحف الحكومية اعتماداً على حظرها رسمياً عام 1954. فيما لا يزال تأثيرها ملموساً في الشارع السياسي المصري حتى الآن.


وحيد حامد و«حبه» الأوحد

يعدّ هذا المسلسل ثالث عمل للمؤلف وحيد حامد الذي يتناول ظاهرة تصاعد التيّار الديني السياسي في مصر، سواء المعتدل أو المتشدد. وكان حامد صاحب أول مسلسل عن ظاهرة التفجيرات الإرهابية التي انتشرت في مصر مطلع تسعينيات القرن الماضي وحمل اسم «العائلة». وقد اعتبره كثيرون متوسط القيمة فنياً لأنّه مصنوع على عجل من دون عمق وتحليل واف. ولا تعيد القنوات المصرية حتى الآن عرضه على الإطلاق عكس العمل الثاني وهو فيلم «طيور الظلام» الذي انتقد فيه حامد التحالف بين الفساد ممثلاً بعادل إمام (الصورة) والتطرف ممثلاً برياض الخولي. وقد أصدر حامد كتاباً شهيراً عن تلك القضية تحت عنوان «استيقظوا أو موتوا».