نمو شعبية التيار السلفي وبروز الدعاة الجدد وعوامل أخرى أدّت إلى طرح علامات استفهام حول جماهيرية عمرو خالد في مصر... فهل يمثّل برنامجه «مجددون» طوق النجاة الأخير؟
محمد هشام عبيه
منذ فترة، وضع الداعية عمرو خالد خبراً ترأس موقعه الإلكتروني ويفيد بأنّ موقعه حاز ترتيباً متقدماً على مواقع عالمية. هذا الاحتفاء الكبير يتفق مع طبيعة المنهج الدعائي الذي يتبعه عمرو خالد منذ سطوع نجمه. وهو ذلك المنهج الذي كان سبباً مشتركاً في الهجوم عليه والدفاع عنه. مع ذلك، وبعد مرور ما يقارب ثماني سنوات على شهرة عمرو خالد ــــ الظاهرة، فإن السؤال عن «مؤشر» شعبية الرجل الأشهر بين الدعاة الجدد في مصر والعالم العربي، يستحق الاجتهاد في الإجابة عنه.
قبل شهر رمضان الماضي ــــ الموسم الرسمي للدعاة ورجال الدين ــــ تسرّبت أخبار عن أن برنامج عمرو خالد «قصص القرآن» سبّب تعرض صاحبه لمضايقات أمنية دفعته إلى الخروج من مصر والاستقرار في لندن، بل تصفية مكتبه في القاهرة أيضاً. أما السبب، فهو أن خالد روى في الحلقات الجديدة قصة النبي موسى، وصراعه ضدّ فرعون مصر. وهو اختيار رأى فيه بعض «الكبار» في مصر تلميحاً للوضع السياسي في «المحروسة» اليوم.
هكذا، كانت ردة الفعل الطبيعية لخروج خالد من مصـر، ازدياد شعبيّته، وإن كان قسم من الجمهور أقبل على مشاهدة حلقات «قصص القرآن» بدافع فضول سياسي لا ديني. لكن المشكلة أن البرنامج تعرض لـ«شيء ما» جعل حلقاته لا تُعرض إلا على ست محطات فضائية عربية فقط، واحدة منها مصرية. أما المحطات الخمس فهي صاحبة جمهور محدود... فهل سبب هذا تراجع نسب مشاهدة عمرو
خالد؟
أحد المستشارين الإعلاميين لعمرو خالد، محمد فتحي ينفي ذلك قطعاً، مؤكداً أن برنامج «قصص القرآن» حقق نسبة مشاهدة عالية. لافتاً إلى أنّه إذا كان خالد قد تعرض لبعض الحصار الفضائي، فإنه حضر بقوة على الإنترنت. على موقع «فايسبوك» مثلاً، هناك ما يؤكّد ما قاله فتحي. إذ تجاوز عدد أعضاء مجموعة خالد حوالى 28 ألف عضو، غالبيتهم من الشباب.

«قصص القرآن» سبّب له مضايقات أخرجته من مصر
غير أنّ الحديث عن تراجع شعبية خالد، ليس مرتبطاً بالحصار الفضائي فقط. لا بدّ من التركيز على عاملَين مهمَّين، هما تضخّم نشاط التيار السلفي في مصر، وظهور موجة من الدعاة الجدد.
التيار السلفي إذاً يشارك في حصار خالد، وغالباً ما ينتقده بقوة إلى درجة تصل حدّ تكفيره. وقد اكتسب هذا التيار شعبية واسعةً بعدما انتشر فضائياً، وخصوصاً مع إطلاق قناة «الناس». هكذا، بعدما كان عمرو خالد منفرداً بالفضاء لسنوات طويلة، تزاحمه الآن أسماء مثل محمد حسان ومحمد حسين يعقوب وأبو إسحاق الحويني وغيرهم من رموز دعاة التيار السلفي.
ونتيجة لهذه «النكسات» المتتالية التي أصابت خالد، شبّه بعضهم وضعه، بما حصل للممثل عادل إمام في أواخر التسعينيات من القرن الماضي. قبل ذلك، كان «الزعيم» نجم السينما بلا منازع لمدة ثلاثين عاماً. لكنّ ظهور «الكوميديين الجدد» كهنيدي وعلاء ولي الدين... إضافة إلى ازدياد عدد دور العرض في مصر، أدت إلى تراجع شعبية إمام.
هذه صورة مقربة لما حدث مع عمرو خالد بشكل أو بآخر. إذ لم يعد النجم الأوحد مع تعدد «دور العرض الدينية» وظهور نجوم جدد في حقل الدعوة الدينية التلفزيونية... فهل بدأت مرحلة أفول نجمه، أم أن لخالد وجمهوره رأياً آخر؟ وهل يمثّل برنامجه الجديد «مجدّدون» طوق النجاة الأخير؟>