بيسان طيفوق خريطة الإعلام التلفزيوني اللبناني الموزع على ملوك الطوائف وزعماء السياسة، تحتل محطّة «الجديد» مكانة مميّزة، تجمع بين المهنيّة والجرأة الشبابيّة. هكذا ننظر إليها على الأقل! من هذا المنطلق دعونا زملاءنا إلى مشاركتنا المعركة التي نخوضها دفاعاً عن حقوق امرأة لجأت إلى لبنان هرباً من الموت العراقي، فوجدت نفسها في زنزانة، ودفاعاً عن دولة القانون، حيث الكلمة الفصل للقضاء، تمتثل لقراراته مختلف الجهات العسكرية والإدارية والمدنية...
في هذه المعركة، اعتبرنا أنّ «الجديد» عندها ما تقول، وما تنقله إلى الجمهور العريض. من هذا المنطلق أطلعنا زملاءنا على تطوّرات قضيّة يسرى العامري التي ليست مجرّد «سبق صحافي» نستأثر به، بل معركة عامة ينبغي للإعلام خوضها كجزء من رسالته. حضر الزملاء من «الجديد» إلى المفوضيّة العليا للاجئين، وانتظروا ساعات مثلنا لحظة الافراج عن العامري، وتابعوا مجريات القضية، و«الكر والفر» وتفاصيل أخرى وردت في متابعاتنا، وفي التقرير الذي بثّ لاحقاً على التلفزيون.
في قضية يسرى وأمثالها، تشغلنا ضرورة خضوع المؤسسات لسلطة القضاء، ويشغلنا دورنا كصحافيين في تقديم المعلومة الموثقة بشكل موضوعي. على أي حال، هذا ما دأب عليه «الجديد» الذي أُقفلت أبوابه لسنوات في قرار مخالف للقانون. لكن، ثمة ملاحظات على التقرير الذي بثته المحطّة أول من أمس، رغم حرصها على ابراز مختلف وجهات النظر. جاء في التقرير أن المحطة استقت المعلومات من مصادر خاصة في الأمن العام. في حين أنّ هذه المعلومات روّجت لها المديرية ببيانات أرسلتها إلى الإعلام، وصرّح بها المدير العام اللواء وفيق جزيني لـ «الأخبار». ونستغرب أن تتبنّى المحطّة معلومات تفتقر إلى الدقة تفيد أنّ الأمن العام أرسل توضيحاً إلى وزير الداخلية حول ملابسات القضية. المديرية لم ترسل إجابة على مراسلة زياد بارود في 30/12/2009 ما اضطره لبعث رسالة أخرى بعد 11 يوماً. أما الكلام عن دخول العامري لبنان عبر سوريا، فقدمته المحطة من دون تدقيق. إذ جاء في «المعلومات الخاصة» التي أوردها «الجديد» أن الأمن العام يميل لتنفيذ الحكم الجزائي (الدخول الى لبنان خلسةً) أكثر من حكم قاضي الأمور المستعجلة الذي أمر باخلاء سبيلها. لكن التقرير لم يلفت إلى أن العامري قضت عقوبة السجن الواردة في الحكم الأول، وأن الحكم الثاني صدر بعد 7 شهور على سجنها (بدل سجنها شهراً واحداً). وكانت حصلت في هذه الأثناء على بطاقة لجوء. ولم تذكر المحطة أنّه لا يحق للمديرية عدم الإمتثال لحكم قاضي المنفرد الجزائي.
أما الكلام عن إعادة التوقيف، فهو خاطئ، ويكفي الإطلاع على الحكم الذي يمنع توقيف أو ترحيل العامري. وقد بات ملف القضية معروفاً ومنشوراً بتفاصيله في «الأخبار» (راجع عدد 15/12/2009). وأخيراً، جاءت «المعلومات الخاصة» في التقرير، كأنّها تصحيح لما ورد في «الأخبار»... وربما كان الأجدر بزملائنا في «الجديد» ألا يتركوا الجهاز المعني بالردّ علينا «يستعملهم»، بدلاً من ارسال ردّه الموثّق مباشرة إلى الجريدة.