صباح أيوب
وجاء زلزال هايتي كـ«هدية من الله» لإسرائيل! الكارثة الطبيعية التي مُنيت بها الجزيرة وأودت بحياة الآلاف، استغلّها صنّاع صورة إسرائيل ومهندسو علاقاتها العامة ليلمّعوا سمعة الدولة العبرية. وتزامناً مع الذكرى الأولى على العدوان الإسرائيلي على غزة (أواخر عام 2008)، طفت مجدداً إلى السطح، صور الدمار وجثث الأطفال المتفحّمة والقنابل الفوسفورية والفلسطينيّين المقتولين خنقاً. وقد ترافق ذلك مع تقرير «غولدستون» وأزمات داخلية هزّت صورة إسرائيل ومسؤوليها في الإعلام العالمي. لذا، ما كان من الكيان الصهيوني سوى تحيّن حدث جلل استقطب العالم لينقض عليه ويوظّفه ويستغلّه كي يبدو بصورة المنقذ المسالم المحبّ للعمل الإنساني! هكذا، ملأت صور الأطبّاء الإسرائيليين الذين «أنقذوا» ضحايا زلزال هايتي، صفحات الجرائد الإسرائيلية والأميركية، وبُثَّت التقارير المصوّرة عن «الأعمال البطولية» التي قام بها الطاقم الطبي الإسرائيلي على قنوات «سي إن إن» و«سكاي نيوز» و«فوكس نيوز» و «إي بي سي» الأميركية.
هذه الحملة الإعلامية المنظمة قادتها شعبة العلاقات العامة في الجيش الإسرائيلي التي أرسلت طواقمها الإعلامية مع تلك الطبية إلى هايتي منذ اليوم الأول للمهمة: صحافيون ومصوّرون ومدوّنون إسرائيليون جُنّدوا في الجزيرة الكاريبية لنقل الصور من داخل المستشفى الميداني وإعداد تقارير بالصوت والصورة جاهزة للبث على الفضائيات أو المواقع الإلكترونية والمدوّنات. شرائط تقول «جئنا حاملين السلام لكم» وأخرى تظهر إنسانيّة متطوعي البعثة الإسرائيلية وأخرى تنقل آراء الهايتيين بالمساعدات المقدمة لهم، بثّتها وسائل الإعلام العالمية المتجمهرة في هايتي كما تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعية. الإعلام الأميركي لم يتردد في المشاركة في تلك الحملة أو حتى قيادتها. هكذا، خصصت «سي إن إن» و«فوكس نيوز» تقارير يومية عن البعثة الإسرائيلية تحت
خصصت «سي إن إن» و«فوكس نيوز» تقارير يومية عن «بعثة الأمل»!
بعض الأصوات الإسرائيلية المعارضة أبدت استغرابها من الحملة الدعائية تلك. هكذا، كتب عكيفا ألدار في «هآرتس» مثلاً: «قبل أن يهرع الأطباء الإسرائيليون إلى هايتي لإنقاذ الضحايا هناك بأيام، منعت السلطات الإسرائيلية، على معبر إيريتز 17 فلسطينياً من العبور إلى رام الله وكانوا يحتاجون إلى عمليات طارئة!». وأضاف ألدار «إن اهتمام الإسرائيليين المبالغ فيه بضحايا هايتي لا يظهر سوى تجاهلهم ضحايا غزة!».
«زلزال هايتي كان بالنسبة إلينا بمثابة ربح جائزة اليانصيب»، هكذا علّقت جينيفر مزراحي، رئيسة مؤسسة «المشروع الإسرائيلي» الإعلامية (مركزها واشنطن) على مدى نجاح أعمال مؤسسات «العلاقات العامة» الإسرائيلية حالياً. لعله أصدق تعبير عن نوايا إسرائيل ورؤيتها إلى العالم التي لن تتغير أبداً.