محمد عبد الرحمنبعدما كَثُر الحديث عن الأوضاع المالية السيئة لـ«روتانا»، وعن تعاونها المرتقب مع شركة «نيوز كورب» لصاحبها روبرت مردوخ، بدأت عملية إعادة الهيكلة داخل الشركة السعودية لتكشف عن حقائق عدة. أولاها أن «روتانا» ستضطرّ ربما للمرة الأولى، للتعاطي مع سوق الغناء باحتراف، وبمنطق الربح والخسارة لا بمنطق الهواة الذي اعتمدته لفترة طويلة. بعدما جمعت تحت جناحيَها مجموعة كبيرة من المغنين منهم الناجح ومنهم من كان مصدراً للخسارة الدائمة.
هكذا بات على كل مغنّي «روتانا»، بما في ذلك النجوم الكبار، أن يطرحوا على أنفسهم سؤالاً عن مصيرهم. حتى أولئك الذين حصلوا على وعود بالبقاء في الشركة، سيضطرون لإعادة حساباتهم، وخصوصاً أن دخول مردوخ شريكاً في «روتانا» قد يقلب الموازين.
ولعلّ مراقبة مسيرة الشركة، تكشف أنها لم تطبّق يوماً معيار حجم الإيرادات في تقييم مغنّيها. وبالتالي فما قيل عن فسخ العقد مع المغربية رجاء المصابني بسبب قلة مبيعات ألبومها الثاني، بدا غير واقعي، لأن هناك عشرات الأسماء التي لم تحقّق أرباحاً.
أما على مستوى المغنّين المصريين، فإن الشركة العملاقة فشلت في جذبهم عكس ما حصل مع باقي المغنّين العرب. حتى هؤلاء الذين وقّعوا عقوداً مع الشركة لم يتأخروا في مغادرتها ومنهم إيهاب توفيق وخالد عجاج وعامر منيب. ولم يبق لدى «روتانا» اليوم سوى أربعة أسماء مصرية كبيرة هي عمرو دياب الذي تحوّل هو نفسه إلى مؤسسة مستقلة قادرة على النجاح مع أي شركة إنتاج. أما الاسم الثاني فهو شيرين عبد الوهاب، التي يُجمع النقاد على أن تألقها مع «روتانا» أقلّ بكثير ممّا كانت عليه مع مكتشفها نصر محروس. ثمّ تأتي أنغام التي تشكو مع كل ألبوم من ضعف الدعاية والاهتمام، لكنها رغم ذلك مستمرة مع الشركة. إذ تدرك جيداً أن العثور على منتج مصري أمر صعب، وخصوصاً في ظل خلافاتها القضائية مع المنتج محسن جابر. وأخيراً يأتي محمد فؤاد الذي يستعد لإطلاق ألبوم جديد بعد غياب ثلاث سنوات عن الساحة.
غير أنّ الحقيقة التي لا تزال تحتاج إلى الوقت حتى تخرج للنور، هي تأثير هروب المغنين المصريين من «روتانا» على السوق المصري. بالطبع، سيكون المنتجون المصريون سعداء بعودة النجوم خائبين من أحضان الشركة السعودية. لكن أحوال الشركات المصرية المادية لن تسمح بسهولة بطي صفحة «روتانا». وبالتالي، هناك مساران لهما في المرحلة الحالية وهما: إما أن ينتج الفنان لنفسه وتكتفي الشركة بعملية التوزيع وهو ما يقوم به محسن جابر وجمال مروان صاحب شركة «ميلودي»، وإما أن يقبل الفنان التعاقد مع المنتجين المصريين لكن من دون أن يحلم بالحصول على مبالغ كبيرة لا تناسب مبيعات سوق الكاسيت المنهار أساساً بسبب القرصنة، فأموال المنتجين المصريين تخرج بحساب عكس ما كان يحدث في الشركة السعودية.