بعد حظر بثّ قنوات مصنّفة «إرهابية»، ها هو الكونغرس يتبنّى بشبه إجماع مشروع قانون يفرض عقوبات على مالكي الأقمار التي تبثّ هذه المحطات
محمد نزال
يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد مُكتفية بحظر بثّ مجموعة من المحطات التلفزيونية، التي «تبث أفكاراً ذات طابع إرهابي»، من بينها قناة «المنار» اللبنانية. إذ تبنّى مجلس النواب الأميركي (الكونغرس)، أول من أمس، مشروع قانون يطالب بفرض عقوبات على مالكي الأقمار الصناعية، الذين يسمحون لتلك القنوات بالبثّ. ويطلب نصّ القانون من الرئيس الأميركي باراك أوباما، تقديم تقرير كل ستّة أشهر عن «التحريض على العنف ضد الأميركيّين» في تلفزيونات الشرق الأوسط.
ولم يذكر مشروع القانون كلّ المحطات المقصودة، واكتفى بتسمية «المنار» اللبنانية، و«الأقصى» (التابعة لحركة «حماس») التي تبثّ من قطاع غزة.
وقال صاحب مشروع القانون، النائب الجمهوري غوس بيليراكس، إنه «نظراً إلى المخاطر التي يمثّلها هذا التحريض على الجنود والمدنيين الأميركيين في المنطقة، وعلى أراضينا، فقد حان الوقت كي تعمل الولايات المتحدة ودول أخرى على وقف هذا التهديد المتصاعد».
وبعد تبنّي الكونغرس لهذا القرار، يُتوقّع أن يتبنّى مجلس الشيوخ أيضاً مشروع قانون مشابه. وبموجب القانون المذكور، يمكن مالكي الأقمار الصناعية أن يتعرّضوا لعقوبات مالية وفقاً للمرسوم الرقم 13224 الذي وقّعه الرئيس السابق جورج بوش بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الشهيرة.
لم تفاجَأ «المنار» بهذا القرار، الذي صوّت لمصلحته 395 نائباً مقابل ثلاثة نوّاب فقط أعلنوا اعتراضهم، كما يقول المدير العام للمحطة عبد الله قصير لـ«الأخبار». ويضيف إن القرار «يرتكز على خلفية سياسية، وهو خارج كل الأطر القانونية والمواثيق الدولية». ويرفض قصير سياسة الكيل بمكيالين الأميركية، فيسأل «لماذا يحقّ لـ«فوكس نيوز» أن تبثّ تحريضاً على المسلمين، وخصوصاً على الفلسطينيين، كما حصل إبان العدوان على غزّة؟».
ويرى قصير أن الأميركيّين يشعرون «بعجز أمام النهضة الإعلامية

صوّت لمصلحة القرار 395 نائباً مقابل ثلاثة فقط أعلنوا اعتراضهم
المقاومة»، وخصوصاً مع وجود الإنترنت «إذ شاهد بثّنا الحي أكثر من 40 مليون شخص خلال ستة أشهر فقط على الشبكة العنكبوتية». في المقابل، لا ينسى قصير أن يشير إلى «مسؤولية الدولة اللبنانية، التي يجب أن تقول كلمتها، لأن «المنار» محطة مرخصة قانونياً في لبنان، ولذلك على وزارة الإعلام أن تبادر إلى اتخاذ إجراءات لحماية حرية الإعلام».
من جهته، يرى رئيس «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع»، عبد الهادي محفوظ، أن القرار المذكور سببه أنّ الإعلام العربي، المرئي تحديداً، أصبح «مصدراً للمعلومات التي يتأثر بها الإعلام والمجتمع الأميركي، ومثال على ذلك ما حصل مع قناة «الجزيرة» أثناء العدوان على غزة، وخصوصاً أنها باتت تبثّ باللغة الإنكليزية». أما عن «المنار»، فيقول محفوظ إن القرار الأميركي يستهدفها لأنها «باتت تتمتّع بتأثير كبير في الجاليات العربية والإسلامية في دول الاغتراب. هذا الإعلام استطاع أن يكشف الانعكاسات السلبية للسياسة الأميركية، حتى على الشعب الأميركي نفسه، فضلاً عن نجاح هذا الإعلام في كشف السياسات الإسرائيلية ومواجهتها».
وماذا عن الإجراءات التي يمكن وزارة الإعلام أو «المجلس الوطني للإعلام» القيام بها؟ يجيب محفوظ «دور المجلس استشاري، فهو يرفع توصيات إلى الحكومة. وإزاء هذا القرار الأميركي الأخير، سوف نُجري مشاورات مع مختلف وسائل الإعلام، من أجل تحقيق نوع من التضامن والتكافل... وعلى الدولة أن تعترض على هذا القرار».