للمرة الأولى، نظّمت الجهات الرسمية لقاءً جمع العاملين في الدراما السورية والعربية. بعد ثلاثة أيام من الاجتماع، خرج هؤلاء بتوصيات تبدو حتى الساعة غير قابلة للتطبيق
وسام كنعان
فجأة، انتفضت الجهات الرسمية المعنية بصناعة الدراما السورية، وقرّرت عقد «ملتقى الدراما السورية الأول» في محاولة لمواكبة النجاح الذي حققه هذا القطاع. هكذا تعاونت وزارة الإعلام، و«الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون» و«المؤسسة العربية للإعلان» و«لجنة صناعة السينما» وجمعت أخيراً في دمشق العاملين في القطاع الدرامي السوري والعربي.
«الملتقى مقدمة كي يُصبح بمثابة مهرجان حقيقي للدراما السورية» يقول الناقد سعد القاسم، وهو أحد منسّقي الملتقى.
بدأ الملتقى بجلسات عن الإنتاج العربي المشترك، تحدّث فيها المخرج السوري هيثم حقّي. وتطوّر النقاش ليضيء على التجارب الناجحة والفاشلة في هذا الإطار. وقاد الحديث المخرج السعودي عبد الله المحيسن ومدير البرامج في قناة «أبو ظبي» مفيد الرفاعي، والمخرج السوري مظهر الحكيم. كما تناولت جلسة أخرى الرقابة العربية بمشاركة الكاتب نجيب نصير، فيما غاب الكاتب فؤاد حميرة.
في اليوم الثاني، ناقش المؤتمرون التأسيس الأكاديمي والصناعة الدرامية. وتحدّث المخرج باسل الخطيب والفنان غسان مسعود، بينما طرح الفنان أيمن زيدان ومروان ناصح ورقة عمل عن الخطة التي ينبغي اعتمادها لتحقيق صناعة درامية متطورة.
هكذا تمخّضت جلسات الملتقى، التي طبخت على عجل، عن اجتماع ختامي خرج بـ13 توصية دعت إلى إعادة تقييم دور الدراما وإنشاء مركز سمعي ــــ بصري يسهم في دعم الإنتاج. كما لحظت أهمية دعم مشروع «اتحاد المنتجين السوريين» كخطوة جدية لتنظيم عملية الإنتاج. وأكّدت الدور المهم للمؤسسات الحكومية، من دون إهمال القطاع الخاص، إلى جانب تشجيع رؤوس الأموال الوطنية والمصارف في عملية تمويل الدراما.

لم يطرح المؤتمرون التمويل الخليجي وارتباط المنتجين بأجندات عمل

وفي موضوع الإنتاج المشترك، اتُّفق على العمل لإنشاء كيان مؤسساتي ينسّق بين الدول العربية، وإنشاء مؤسسة حكومية متخصصة في الإنتاج الدرامي ومستقلة عن «هيئة الإذاعة والتلفزيون».
أما البند الأخير الذي طالب بتأليف لجان رقابة مشاهدة «على سوية عالية فكرياً ومهنياً»، فقد أدّى إلى خيبة كبيرة عند متابعي الملتقى. وخصوصاً أنّ ندوة كاملة خُصِّصت في الملتقى لمناقشة كيفية مواجهة الرقيب، والحلول المثلى للتذاكي عليه. وكان لافتاً تأليف لجنة من منظّمي الملتقى والمشاركين فيه للعمل على هذه التوصيات بهدف أخذ موافقة الجهات الرسمية اللازمة للشروع في تطبيقها.
من جهة أخرى، يبدو أنّ المؤسسات الحكومية كانت غائبة عن صياغة المقترحات النهائية للملتقى، التي هي أصلاً بعيدة المنال. إذ كيف يمكن تشجيع المنتجين على بناء استديوهات وقد وصل بعض هؤلاء أخيراً إلى طريق مسدود، بعد مواجهتهم قوانين المؤسسات الحكومية، والعراقيل البيروقراطية؟ ثم ألم يكن جديراً بالمؤسسات الراعية للملتقى أن تتعاون في ما بينها، وخصوصاً لجهة منح رخص التصوير للأعمال الدرامية والبرامج العربية التي تدخل للعمل في سوريا، وخصوصاً بعد المعارك التي دارت بين «لجنة صناعة السينما» ووزارة الإعلام في السنة الماضية بغية الاستئثار بإعطاء الترخيص للجهات العربية التي تريد أن تصوّر في سوريا؟ ولو سلّمنا أنّ تلك المقترحات ستسير بجدية نحو الإنجاز ولن تقبع في أدراج المسؤولين لسنوات، فإنّ سؤالاً مهمّاً لم يطرحه المشاركون. إّنه سؤال يتعلّق بالمشاكل التي تواجه الدراما السورية في ما يخص التمويل الخليجي، والغياب شبه الكامل لمنتجين لا يتلقّون أجندات عمل جاهزة من المحطات التي تَعرِض أعمالهم.