تحت عنوان «رسم صورة للمنفى»، أفردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركيّة مساحةً لدراسة علاقة الفن اللبناني المعاصر بالانتشار اللبناني. النتيجة: هذا الفن بمختلف تجلياته يحمل ملامح حقيقيّة لما سمّته الصحيفة «فنَّ الشتات»... أليس فايفر، الصحافية التي أنجزت التحقيق، جالت على تجارب مجموعة فنانين لبنانيين في باريس، لتشريح التيمات الرئيسيّة التي يتطرق إليها هؤلاء. أول ما يلفت فايفر أن عدد هؤلاء في باريس بلغ ثمانين فناناً في مختلف الفنون البصريّة. وطبعاً يفتقر هذا التعميم إلى الدقّة. فمثلاً، أكرم زعتري ولميا جريج اللذان كانا بين المشاركين في أول جناح لبناني في «بينالي البندقيّة» عام 2007، لا يقيمان في باريس على نحو ثابت كما تشير المقالة. التعميم الاختزالي نفسه نقع عليه حين تلاحظ الكاتبة أن أعمال هؤلاء التي تختلف في الشكل والمواد، تحوم غالباً حول الموضوع نفسه فتنقل أوجاع البحث عن الجذور، والصراعات السياسيّة والترحال والحروب المتتالية ومحاولة الاندماج في الحضارات الأجنبيّة... «عندما تتحول الصراعات السياسيّة إلى خبز يومي، يضطر الفنانون إلى التطرق إلى هذه الأعمال بطريقة أو بأخرى»، تكتب مراسلة «نيويورك تايمز». وتلفت الصحيفة إلى أنّ أكثر من نصف الشعب اللبناني يعيش في المنفى، وأنّ هذا يتطلب معالجة اجتماعية واقعيّة وجديّة للإنتاج الفني اللبناني في بلدان الاغتراب. ويعرّج التحقيق على الأحداث الفنيّة التي شهدتها العاصمة الفرنسيّة خلال العام المنصرم، ومهرت بأعمال للبنانين، مثل المعرض الذي رعته «المؤسسة العربيّة للصورة» قبل أسابيع في تظاهرة Paris Photo. يتطرق التحقيق أيضاً إلى أعمال زياد عنتر الذي تحدث مطولاً إلى الصحافية، شارحاً ضرورة تخطي الفن اللبناني لتصوير الحرب مباشرة. عنتر الذي يتنوع إنتاجه بين التصوير والفيديو، يبتعد عادةً عن إثارة الأحاسيس والخطابات الفجّة في أعماله.

أعمال أكرم زعتري ولميا جريج وزياد عنتر
من جهتهما، كانت هناك وقفة عند عمل جوانا حاجي توما وخليل جريج بعنوان «أن نكون أبطالاً ليوم واحد...» الذي عُرض في متحف باريس للفن المعاصر، وجمع أفلاماً وثائقية قصيرة تروي حكاية أفراد تأثروا بالحرب، وأفراد يتخطون الحياة المدينية في مرحلة ما بعد الحرب. عرض الفنانان، كما تلاحظ الجريدة الأميركيّة، Puzzle لمدينة بيروت معلّق فوق مرآة، يتوقف أمامه الزائرون، ويزيحون قطعة تلو أخرى، لتظهر من خلفها وجوههم في المرآة.
أمّا صورة التحقيق، فلم تعكس تلك الرؤى المتضاربة للحرب والفرد المنفي والذات. تظهر الصورة عملاً لماريا هبري وهدى بارودي، مؤسِّسَتي «بقجة»، المحترف الذي يعمل على تصميم قطع أثاث مستوحاة من الفنّ التركي... المقالة قد تثير اهتمام القارئ الأميركي الذي لا يعرف الكثير عن لبنان، وقد يراها بعضهم اعترافاً بالفن المعاصر اللبناني الذي يعرف غالباً رواجاً واسعاً في العالم، غالباً على حساب وصوله إلى الجمهور اللبناني والعربي.