مدوّنة، فكتاب، فمعارض وعروض مختلفة. تحيلنا تجربة مصمّمة الغرافيك والمدوّنة اللبنانيّة الشابة إلى وسائل جدية من التعبير بدأت تأخذ شرعيتها على ساحة الفنون البصريّة
سناء الخوري
تدّعي مايا زنقول أنها ترسم ملصقات وشرائط مصورة. لكنّ مصممة الغرافيك والمدونة اللبنانيّة الشابّة (1986) تلعب لعبةً أخرى أكثر إثارةً وطرافة. أمام شاشة الكومبيوتر، حين تجلس مساءً بعد يوم عمل طويل، تتحوّل إلى مؤدية «ستاند أب كوميدي» بزيّ مدوّنة. هذه هي حقيقة مايا التي أصبحت حديث البلد بعدما أصدرت كتابها Amalgam مطلع هذا العام، وهو خلاصة ما نشرته في مدونتها التي تحمل العنوان نفسه. اليوم، تعرض مايا أعمالها ضمن تظاهرة «نقطة، خط، فقاعة»، في «المركز الثقافي الفرنسي»... 24 قصّة مستقاة من أجواء الكتاب والمدونة. «أرسم مواقف مزعجة تصادفني في الحياة اليوميّة، وأجد في الرسم متنفساً لنقد المجتمع». مايا التي عاشت طفولتها في السعوديّة، تقارب الأمور بعين الغريبة التي لا تجد لها مكاناً في «النظام». ترسم نفسها عالقةً في زحمة السير الخانقة، أو باحثةً عن مكان تركن فيه

ترسم نفسها عالقةً في زحمة السير أو باحثةً عن موقف لسيارتها
سيارتها في مواقف العاصمة المزدحمة. ترسم نفسها مدهوشة أمام الملصقات الانتخابيّة العجيبة، فتقاربها كشكل من أشكال التلوث البصري... تطارد تلك الملصقات الفنانة التي تجد نفسها غالباً ضحية الأجساد العارية العملاقة الممتدة بين الأرض والسماء. مواقف تثير ضحك الجميع، وتظهر فيها مايا أحياناً واقفةً خلف منبر، تلقي خطاباً أو تطرح سؤالاً... يحيلنا النجاح الجماهيري لأعمال مايا، إلى أشكال جدية من التعبير المختلفة والعصريّة التي بدأت تحجز مكاناً لها على ساحة الفنون البصريّة. صاحبة Amalgam (وتعني الربط بين عناصر متناقضة أو غير متناسقة) لا تستخدم القلم والورقة، ولا تعنيها تلك العلاقة الشاعريّة مع ملمس الصفحة البيضاء. صفحتها البيضاء شاشة فارغة، ستملأها بقصصها القصيرة بواسطة الـ«فوتوشوب». وفق مايا «الرسم بهذه الطريقة أسرع، وعملي أكثر، ويخفف عنّي عبء التفاصيل، ويمنحني فرصةً لأتفرغ للموضوع».

حتى 22 كانون الأول (ديسمبر) ـــــ المركز الثقافي الفرنسي (طريق الشام ــــ بيروت) ــــ 01/420200


أسئلة موجعة

في مشهد من أعمالها، تقف مايا بثوب بسيط وجهاً لوجه مع فتاة ترتدي أطناناً من الزينة، كما هي الحال في الأعراس اللبنانيّة. في مشاهد أخرى، تركّز على زحمة السير، وعلى التعاطي مع العاملات الأجنبيات. تهتم مصممة الغرافيك بالعمل على القضايا الاجتماعيّة، منها الإدمان، وسوء معاملة العمال الأجانب، ويهمها أيضاً العمل على مواضيع أخرى أكثر حساسيّة «كالتربية الدينية في المدارس اللبنانيّة»... لكن «لا أحب أن يزعل أحد». تشدِّد على أنّها لا تتعاطى السياسة بل تقدم أعمالها هذه كنقد ذاتي لنفسها في الدرجة الأولى وللناس في الدرجة الثانية. لكن أليس دور الفنان أن يكون مزعجاً ولو قليلاً؟ أن يضع الإصبع على الجرح ويوغل بحثه في المناطق الحساسة والأسئلة المؤلمة؟ رغم تميزها، لم تبلغ تجربة مايا هذه المرحلة من النضج بعد...


دوت.كوم

خروج مايا زنقول (الصورة) إلى ساحة الفنون البصريّة في العاصمة، وجد صداه الحقيقي بين المتابعين بسبب نجاح مدونتها. تقترح زنقول أفقاً آخر للتدوين الإبداعي الذي يجمع بين الموقف والتنويع على الشكل في الفنون البصريّة. انطلاقاً من تجربتها هذه، تسعى زنقول إلى تأسيس جائزة تكرم سنوياً مدوناً لبنانياً، أسوة بالجوائز العالميّة المماثلة. المدونات التي تحولت إلى واحة للفارين من قيود الرقابة العربيّة، لا تأخذ الأبعاد ذاتها في لبنان. أبرز المدونين على الساحة اللبنانيّة، مقيمون في الخارج، ومنهم إلياس مهنا صاحب مدونة «قفا نبكي»، وهو يتابع دراسته العليا في الولايات المتحدة. إلى جانب مهنا، تأخذ مدونة «حمص نايشن ــ وكالة الأنباء الرسميّة» شعبيّة كبيرة، إضافةً إلى مدونة 961+، وغيرها...
mayazankoul.wordpress.com