سعيد خطيبيهكذا وجد الصحافي في الجزائر نفسه عالقاً بين سندان الرقابة، ومطرقة ظروف العمل الصعبة التي راح ضحيتها المصوّر الصحافي أحميدة غزالي، متأثراً بمضاعفات مرض السكري. وبعد أيام قليلة، رحل الصحافي شوقي مدني الذي اشتهر بكتاباته السياسية في جريدة «الخبر».
وشهدت نهاية عام 2008 تعديلاً دستورياً عبر إقرار مادة تمنع «المسّ بقيم الثورة الجزائرية» (1954ـــــ 1962) والطعن في بعض الحقائق التاريخية، ما زاد من الخطوط الحمر المفروضة على الصحافيين والمؤسسات الإعلامية في بلد المليون شهيد.
ومع ازدياد التضييق على الصحافة في الجزائر، ناشدت «لجنة حماية الصحافيين» الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة توسيع رقعة الحرية في الصحافة، وقد بدأت تتدهور منذ عام 2006، وتفاقمت مع إعادة انتخاب بو تفليقة في نيسان (أبريل) الماضي.
وفي وقت تصاعدت فيه المطالبات بمنح المستثمرين في القطاع الخاص رخص تأسيس قنوات فضائية مستقلة، سارعت الحكومة في شهر آذار (مارس) الماضي إلى افتتاح قناتين فضائيتين: الأولى خاصة بالقرآن، والثانية قناة ناطقة باللغة الأمازيغية.

المواطن تائه بين الصحافة المستقلّة والإعلام الرسمي

بين هذا وذاك، يبقى المتلقي الجزائري الضحية الرئيسية تائهاً وعاجزاً عن استيعاب كمّ من المتناقضات، المنتشرة بين الصحف المستقلة ووسائل الإعلام الرسمية، في جزائر صارت تطغى عليها صفة «الشائعات». أما الصحف فزادت من حدّة المنافسة في ما بينها من خلال «حرب الأرقام»، وخصوصاً بين «الشروق» (تأسست عام 2000) و«النهار الجديد» (تأسست نهاية 2008)، اللتين سارعتا إلى نشر أرقام توزيع عالية جداً. وأعلنت الأولى بيع أكثر من مليوني نسخة، فيما قالت الثانية إن أرقام مبيعاتها تقارب عتبة مليون نسخة يومياً!
وسط كل هذا، يبقى أهم حدث طبع المشهد الإعلامي الجزائري في عام 2009: إنّها المعركة الإعلامية التي قادتها صحف جزائرية ـــــ على رأسها «الشروق» ـــــ ضدّ مصر إثر اللقاء الذي جمع منتخبي البلدين في الخرطوم في مباراة مفصليّة مؤهلة لكأس العالم.
وفي خلال أيام، أطلقت مجموعة من الصحف الجزائرية حملة تعبويّة صبّت الزيت على النار وتعدّتها إلى المواقع الالكترونية المعروفة مثل «فايسبوك» و «يوتيوب». هذه الحملة طالت شظاياها أهل الفنّ والسياسة والثقافة في كلا البلدين.