خلال إطلالتها الأخيرة، بدت الفنانة اللبنانية واقفةً بين خطيّن متوازيين ينقلان صورة لبنان المنقسم... من دون أن يوحّده صوت مطربة
ربى صالح
تماماً كما سماء لبنان هذه الأيام، أمطرت ماجدة الرومي جمهورها أخيراً بأغنياتها الجديدة والقديمة. إذ عرضت LBC أمسياتها دفعةً واحدةً بدءاً من حفلة «بيت الدين» (إخراج طوني قهوجي) مروراً بافتتاح «دورة الألعاب الفرنكوفونية» في بيروت. ثم عادت صاحبة «ستّ الدنيا» لتقدّم أمسيةً في «بيال» في ذكرى ميلاد الرئيس رفيق الحريري، وتُعلن ولاءها التام للدولة و«لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان، وللرئيس المكلّف سعد الحريري»، ثم حلّت ضيفةً على بولا يعقوبيان في برنامجها «إنترفيوز» على «المستقبل» منذ أيّام.
جذبت جيلاًَ ربما لم يعرفها وأدركت كيف تعيد الوهج إلى صورتها
كانت أمسية «بيال» التشرينية عاصفةً، وكان حضور رجال الأمن والسياسة كثيفاً. دخلت ماجدة برفقة شقيقها عوض، الذي تسلّم إدارة أعمالها بعد طلاقها من أنطوان دفوني. بدت واثقة بنفسها من جديد بعد مشكلات عديدة صادفتها في مسيرتها، لكنّها استطاعت مجدّداً القبض على جيل آخر أُعجب بأغنية «اعتزلت الغرام»، التي صوّرتها نادين لبكي قبل اعتزالها عالم تصوير الكليب هي الأخرى. جذبت ماجدة بالكليب جيلاًَ ربما لم يعرفها، وعرفت كيف تعيد الوهج إلى صورتها. هكذا، لجأت بدايةً إلى الشاعر الناصر، الذي كتب ولحّن لها قصيدة «الحب والوفاء»، وصوّرتها في بلغاريا بكلفة فاقت مئة ألف دولار مع المخرج سعيد الماروق، وعادت لتقود الحملة الخاصة بتيّار 14 آذار، فغنّت لبيروت وتوشَّحت بالعلم اللبناني. يومها، أعلنت انتماءها إلى ثورة الأرز بطريقة أو بأخرى. هي التي نادت بالوحدة من أجل جبران تويني وسمير قصير وجورج حاوي في ذكرى اغتيال جبران تويني عام 2007. وأطلقت من «بيال» صرخاتها المدوّية تباعاً حتى أمسية الأحد الماضي، التي طاب فيها للشيخ سعد الحريري تكليف مستشاريه بإقامة الأمسية، وتحويل ذكرى ميلاد والده إلى محاولة سلام بصوت ماجدة. صوت قد لا يتفق جميع اللبنانيين على أنّه موحِّد. وهي لمّا سألتها بولا يعقوبيان في اليوم التالي عن موقفها من المقاومة، وإلى أيّ حدود تغنّي لجمهور هذه المقاومة، ردّت بهروب لم يكن مقنعاً. إذ خرجت بالكليشيه الأثير «أنا لكلّ اللبنانيين»، ولو أنّ قلبها وأفعالها تميل إلى ثورة الأرز.
ماجدة البطلة التي وقفت على مدرّجات العالم من جرش إلى قرطاج مروراً بباريس ولندن والخليج، تقف اليوم بين خطيّن متوازيين قد لا يلتقيان، لكنهما في نهاية الشوط ينقلان صورة لبنان المنقسم من دون أن يوحّده صوت مطربة قديرة. ماجدة التي تُمطر دائماً الجمهور بوابل من الوطنية المنقوصة والمفصَّلة على مقاس فئة دون أخرى، ستصبح قريباً جدّة، وتعلّم أحفادها حبّ الوطن. ولو نادت بالوحدة بين وقت وآخر، إلّا أنّها ما زالت تكرّس حقيقة هذا الوطن المزدهر هو أيضاً بوابل من التناقضات. ويبقى سؤال: هل هناك إجماع وطني على أن صوت الماجدة وفنّها هما بالفعل وحدة تجمع ولا تفرّق؟ أم أنّهما مجرد قناع سقط مراراً ولو غنّت محمود درويش في أحد الأيام.