نجوان درويش يصعب الإمساك بانطباعات فارقة عن الدورة الـ14 من “صالون الكتاب الدولي” في الجزائر، الذي يختتم غداً الجمعة. عشرة أيام ممتلئة بالجمهور والندوات والتوقيعات غصّت بها خيمة عملاقة نُصبت في ملعب لكرة القدم في “5 جويليه”. تغيير مكان المعرض أثار جدلاً في الصحافة. لكن اللعبة الديموقراطية الجزائرية قريبة من صيغة أن الصحافة تنتقد كما تريد وأصحاب السلطان يفعلون ما يريدون! شعار الدورة هو “الكتاب سلطان” وبالصيغة الفرنسية “الكتاب ملك”. ولعل في الاحتفاء بالكتاب (المعرفة) بكلمات وصيغ سلطوية مؤشّراً على التداخل بين الثقافة والسلطة، وطبع الأخيرة لبصمتها على معظم الإنتاج الثقافي والفني في هذا “الفردوس الدامي” الذي يسعى إلى استرداد حيويّته وسلامه. ولعلّ الإقبال على الكتاب الديني هو أبرز ما يستوقف زائر المعرض. آلاف الملتحين خرجوا محملين بكميات من “الكتاب الديني” لا تبدو للاستعمال الشخصي. هي ظاهرة تجارية لا اجتماعية فقط. سينتقل قسم من هذه المشتريات ليباع في محافظات الجزائر الـ48. و“الكتاب الديني” المقصود هنا لا تدخل في إطاره كتب نقد الخطاب الديني كمؤلفات محمد أركون ومحمد عابد الجابري. إنها مزيج من كتب التراث الديني في طبعات جديدة، وغالباً بلا مراجعة إلى جانب “الكتب الصفراء” والوعّاظ الجدد. من جهة أخرى، تأمل بعض الدور (مثل “الشهاب” و“البرزخ”) التي تنشر أدباً للجيل الأخير من الروائيين الجزائريين، أنّ الجمهور بدأ يبحث عن كتب هؤلاء ويشتريها. لكن بمراجعة الأسماء التي جرى الإقبال عليها في هاتين الدارين، فمعظمها لكتّاب يكتبون بالفرنسية. أما الكتابة بالعربية لدى الجيل الجديد، فلا يبدو أنها قطعت الشوط نفسه. ولعل قسماً كبيراً منها مصاب بداء أحلام مستغانمي (الصورة)، أي تلك اللغة الأفقية والكليشيهات وتسطيح الواقع بغناءوية وسنتمنتالية مفرطة. ولعل التكريم الرسمي الذي قدّم إلى مستغانمي في المعرض، سيفاقم ظاهرتها في بلدها.