بشير صفيرأكمل فيليب الحاج دراسته في العزف الكلاسيكي على البيانو، ثم توجه إلى عالم الجاز وأتقن أصوله، قبل أن يعود من فرنسا إلى بيروت بعد زيارات متقطعة إلى وطنه الأم. استقر منذ مدّة في لبنان، وبدأ نشاطه الفني على أكثر من مستوى. انخرط في التعليم (بيانو جاز)، والعزف الحيّ الذي خصّصه للجاز، من دون أن ينسى الموسيقى الكلاسيكية.
هكذا أحيا العازف الشاب (1979) العديد من الأمسيات، فقدّم في بعضها كلاسيكيات الجاز والمقطوعات الموقعة باسمه، وأفرد أحياناً مساحة للأداء الكلاسيكي، في برامج حوت أعمال بيانو لكبار المؤلفين (شوبان، موزار، رخمانينوف...).
مساء الثلاثاء المقبل، سيكون محبّو الجاز على موعد مع الحاج في «مسرح مونو»، ليقدم إلى جانب زميليه اللبنانيَّين عبود السعدي (باص كهربائي)، وفؤاد عفرا (درامز)، أمسية تعمِّق انخراطه الجدّي في هذا النمط الموسيقي. واستناداً إلى برنامج الحفلة المرتقبة، يؤكد فيليب الحاج نيتّه خوض غمار التأليف الموسيقي، إذ يقدم باقة من مؤلفاته القديمة والجديدة. هذا لا يمنع من إدراج محطة من الربرتوار العالمي، أعدّها الحاج خصيصاً، وهي لموسيقى الجاز وعازف الباندونيون العالمي ريشارد غاليانو.
أصدر فيليب الحاج باكورته «جاز شرقي» منذ حوالى سنتين، ثم Sunday Afternoon، لكن حفلة الثلاثاء ستتمحور خصوصاً حول الألبوم الثاني، بما أن الحاج اعترف بموضوعية بتعثرات الانطلاق في الاتجاه الجديد، أي موسيقى الجاز.
قبل فيليب الحاج، كثيرون «تحولوا» من الكلاسيك إلى الجاز. ليس في الأمر سوء أو خطوة خاطئة. لكن هذا الانتقال يتطلب وقتاً كي يرسو على قواعد متينة. وكلما كان التعمق بالموسيقى الكلاسيكية كبيراً، تطلب الأمر وقتاً لانتقال الكامل، باستثناء الشق التقني البحت. لكن اكتساب الشخصية الجديدة والتخلص التام من القديمة هو العائق الأصعب. أما المساكنة بين الشخصيتين فهي جميلة، لكن الفصل بينهما عند الضرورة قد يكون مستحيلاً... وإن حصل، فسيكون استثناءً لافتاً، وهذا ما نتمناه لفيليب الحاج، ولو احتاج إلى سنوات لتحقيق ذلك.