بيار أبي صعب في لبنان هناك وزارة ثقافة، لكن ما الحاجة إليها؟ كانت بيروت في عصرها الذهبي مختبراً طليعياً للثقافة العربيّة، من دون وزارة ثقافة. ثم أبصرت الأخيرة النور في زمن تكريس ثقافة الخدمات والمقاولات، الفساد والفتنة، التفتت والانهيار. صار عندنا وزارة ثقافة من دون قوانين تصون الحريّة، وتنظّم آليات دعم الإنتاج الفكري والإبداعي، ثمّ نشره وتوزيعه. وزارة لا تتفاعل مع المجتمع المدني خارج نفوذ ملوك الطوائف وشيوخ العشائر. وزارة من دون ميزانيّة جادة تصرف بعقلانيّة وتجرّد، بعيداً من الطفيليّة والبيروقراطيّة والمحسوبية والوصاية. «وزارة ثقافة» مهزوزة الهويّة، بعضها عالق في وزارة السياحة، أو منسي في وزارة الإعلام. وزارة تفتقر إلى كوادر متخصصة... وغالباً إلى وزير معنيّ فعليّاً بالشأن الثقافي، ومنخرط في الحياة الثقافيّة. وزارة الثقافة، عند توزيع الحصص، هي «قصاص» بالنسبة إلى معظم الجماعات السياسيّة، أو «ترضية» في أفضل الأحوال!
في لبنان هناك وزير ثقافة جديد منذ ثلاثة أيام، اسمه سليم وردة، لا نعرف الكثير حتّى الآن عن مراجعه وفلسفته ومشروعه، باستثناء أنه رجل أعمال ومنتج نبيذ. ومع أننا تعوّدنا ألا ننتظر مفاجآت كبرى من وزارته، فعسانا نتفادى الانزلاق إلى الأسوأ. لذا نطلب شفاعة باخوس (أو ديونيزوس)، إله الخمر والنشوة والمسرح، ومؤسّس أوّل مدرسة موسيقيّة... لكي يحمينا من هوس «اللبننة» الجوفاء، وهي نقيض الانتماء الوطني الصحّي بلا عصبيّة ولا انعزال، ومن ثقافة الاستهلاك والترفيه والفولكلور والمناسبات، وأخيراً من كل ما يمهّد ـــــ بشكل أو بآخر ـــــ للتطبيع الثقافي مع إسرائيل. أما الرقابة، فمعركة أخرى لا نجرؤ على ذكرها الآن.