الجزائر ــ سعيد خطيبيمنذ أسابيع قليلة، خيّمت حالة استنفار وقلق وترقّب على الساحة الإعلامية الجزائرية. أما السبب فليس مباراة كرة القدم بين المنتخب الوطني ومصر، بل توالي حالات المنع والملاحقات القضائية التي طالت الصحافيين. إضافة إلى إغلاق إحدى الصحف الأسبوعية المتخصصة بالتحقيقات والكتابات الاستقصائية. وفي وقت كان مثقفون وإعلاميون جزائريون يستنكرون عملية تكميم الأفواه التي تتعرّض لها الصحافة التونسية والغربية، إذا بهم يجدون أنفسهم في النفق المظلم نفسه. إنّه نفق الرقابة والملاحقات القضائية التي انطلقت الشهر الماضي مع بدء «محكمة الجلفة» (جنوب الجزائر العاصمة) النظر في قضية الصحافي حفناوي غول. ويتوقّع أن تصدر بحقّ غول عقوبة بالسجن ترواح من 34 شهراً إلى 14 سنة.
غول الذي يعمل في صحيفة «الوسط» اليومية، أُلقي القبض عليه بعدما كتب مجموعة مقالات عام 2008 أضاء فيها على انتهاك السلطات للدستور الجزائري ومنعها إقامة تجمع لتنظيم مدني. ثم نشر تحقيقاً مطوّلاً يكشف تورّط مسؤولين محليين في قضايا فساد وهدر المال العام.
أما بيانات التنديد فلم تنجح في وضع حدّ للسياسة التعسفيّة التي تنتهجها السلطات الجزائرية. بل إنّ الممارسات القمعيّة لحريات التعبير وتقليص هامش الديموقراطية ازدادت، وخصوصاً حين

إقفال أسبوعية وتغريم أخرى ومحاكمة صحافيين
صدر حكم قضائي يقضي بتغريم أسبوعية «الخبر الأسبوعي» مبلغ 41 مليون دينار جزائري (حوالى 570 ألف دولار). إثر نشرها، منذ ثلاثة أشهر، تحقيقاً عن تهرب إحدى أهم شركات النقل البري في الجزائر من الضرائب. وتمادت حالة التضييق الإعلامي مطلع الأسبوع الماضي، حتى وصلت حدّ إغلاق الجريدة الأسبوعية «سري للغاية»، المتخصصة في الكتابة الاستقصائية، بعد نشرها تحقيقاً يتطرق إلى تجاوزات بعض المسؤولين في مختلف محافظات الجزائر.
وقد أعرب مدير الصحيفة نسيم القفل عن خيبته من قرار إقفال الجريدة. وتقدّم بطعن لدى «محكمة سيدي أمحمد» (في الجزائر العاصمة) بهدف إعادة النظر في القرار ومنحه ترخيصاً لإعادة إصدار الأسبوعية نفسها.
بالطبع، ليست هذه التجاوزات من السلطة جديدة في الجزائر. إذ انتشرت ممارسات المنع والملاحقات القضائية في الأوساط الإعلامية منذ سنوات، بل منذ ولادة الصحافة المستقلة في البلاد مطلع التسعينيات من القرن الماضي. لكن الخطير هو تطوّرها في الفترة الأخيرة. إذ صدر أيضاً في ربيع هذا العام، حكم قضائي يمنع إصدار أسبوعية مهمة في الجزائر هي أسبوعية «المحقق». كما أن الحكومة الجزائريّة ترفض رفضاً مطلقاً، التنازل عن سوق الإعلانات عبر الصحف... سوق تحتكره منذ سنوات، ما يمنحها سلطةً على عدد كبير من الصحف المستقلة.