بدأ التحضير لرمضان المقبل باكراً. ها هو المخرج محمود الدوايمة يصوِّر عمله التاريخي «رايات الحق» الذي يبدأ من الفتوحات وينتهي عند «حروب الردة» مع مجموعة من النجوم من سوريا والأردن ولبنان
وسام كنعان
يبدو أن الأعمال التاريخية استعادت بريقها في الدراما السورية. وخصوصاً أنها باتت تلقى الدعم المادي من بعض الفضائيات العربية. هكذا بدأت شركة «بانة للإنتاج الفني» تصوير مشاهد مسلسل «رايات الحق» بعدما كان عنوانه «الخلفاء الراشدين». كما أجرت بعض التعديلات على النص كي لا يصطدم مع أي حاجز رقابي. «فضّلنا أن نلقي الضوء على مرحلة تاريخية من دون التطرق والخوض في كواليس الشخصيات بعينها» يقول صاحب شركة «بانة» عماد ضحية لـ«الأخبار».
ويضيف أن الشركة أجرت اتفاقات مبدئية مع مجموعة محطات عربية، لعرض العمل الذي كتبه محمود عبد الكريم في رمضان المقبل. لكنه فضّل عدم ذكر أي قناة حتى إبرام العقود النهائية. ويسلّط المسلسل الضوء على مرحلة محددة من تاريخ الإسلام، تمتد من الفتوحات حتى «حروب الردة». وتبدأ أحداث العمل من وفاة النبي محمد، وتنتهي مع مقتل الخليفة عمر بن الخطاب، مروراً بأحداث الردة وحروبها وإخمادها في منطقة الحجاز وما حولها. كما يتطرّق العمل إلى ظهور مدَّعي النبوة وهم مسيلمة وسجاح وطلحة بن خويلد، مع تصوير الفتوحات الإسلامية في تلك المرحلة. تظهر إذاً، معارك اليرموك والقادسية وأجنادين في أحداث المسلسل الذي تصوّره كاميرا المخرج الأردني الشاب محمود الدوايمة في أولى تجاربه مخرجاً لعمل تاريخي ضخم. ويقود الدوايمة هنا مجموعة من نجوم الدراما السورية والعرب هم: أيمن زيدان (مسيلمة) وغسان مسعود (أبو عبيدة الجراح) وأسعد فضة (جبلة بن الأيهم) وعبد الرحمن أبو القاسم (عبد الرحمن بن عوف) ومحمد حداقي (الزبير بن العوام). وتلعب الفنانة التونسية سمية العياري دور سجاح. ومن الأردن يشارك ياسر المصري بدور خالد بن الوليد وعاكف نجم بدور سعد بن أبي وقاص بينما يجسد بيار داغر من لبنان دور ضرار بن الأزور.
ورغم ضخامة «رايات الحق»، تبدو المرحلة التي يصوّرها العمل هي نفسها التي يتطرّق إليها المسلسل السوري الذي يجري تصويره في المغرب حالياً «القعقاع». هنا، يردّ المخرج محمود الدوايمة: «نجهد لصنع خصوصية لعملنا من حيث طريقة تناولنا للأحداث، وطريقة طرح الشخصيات. إذ حاولنا أن نعطي كل شخصية حقها حتى وإن كان بخط بسيط، سواء كانت شخصية مشركة أم مسلمة، من دون التركيز على شخصية واحدة لتكون بطولة العمل جماعية». ويضيف: «ستركِّز أحداث المسلسل في الحلقات الـ15 الأولى على قصة مسيلمة، وكيف ادعى النبوة». ويرى الدوايمة في إصرار الدراما على العودة إلى التاريخ الإسلامي أمراً مفيداً ما دامت دراما تخاطب ذوي العقول المتفتحة وتخلق توازناً في ما تقدمه من إنتاج درامي «لا بد من أن تكون هناك أعمال تاريخية تقدم مادة توثيقية وتحمل إسقاطات تفيدنا في تخطي مشاكلنا المعاصرة والحرب التي تحيط بنا كعرب حالياً».
ويراهن الدوايمة على الموسيقى التصويرية للعمل التي يعدها وليد الهشيم، وخصوصاً أن هذا الأخير ألّف موسيقى أعمال حققت نجاحاً مثل «أخوة التراب» و«نهاية رجل شجاع».

المرحلة التي يصوّرها العمل هي نفسها التي يتطرّق إليها المسلسل السوري «القعقاع»
ورغم أنّ العمل التاريخي لا يبحر في عوالم شخصياته النسائية كثيراً، إلا أن الممثلة السورية الشابة رنا شميس (تلعب دور أسماء بنت أبي بكر) تتحدّث عن دورها: «أركّز على إعطاء أكبر قدر ممكن من المصداقية للشخصية المشهورة تاريخياً، وقد عُرف عنها الشجاعة اللافتة، من خلال حالة البحث والاجتهاد... ويمكن الممثل أن يتابع أعمالاً أخرى رصدت الفترة عينها، وممثلين لعبوا الشخصيات نفسها».
من جهته، يقوم محمد حداقي بدور الزبير بن العوام. وعن دوره يقول الممثل الشاب «الطرح جاء توافقياً مع ما ورد في كتب السيرة النبوية والمؤرخين المسلمين، والهدف من العمل التركيز على الفكر الديني وقداسته». ويضيف «لا أجد أي حاجز رقابي رسمي أو اجتماعي سيقف في وجه المسلسل الذي أتوقع له نصيباً جيداً من المشاهدة، رغم تراجع حظوظ التاريخي في المتابعة. لكن يبقى لكل نوع من الأعمال جمهوره».
أما الفنان أيمن زيدان فيجد أن العمل يستقي أهميته من حساسية المرحلة التي يتطرق لها، «غالباً ما أميل للعب الشخصيات المشركة في هذه الأعمال التاريخية، ذلك أنها شخصيات تكتب من دون القيود التي تفرض نفسها عند كتابة شخصيات الطرف المقابل».
واللافت أن كل مشارك في المسلسل يدرك جيداً أهمية الشخصية التي يؤديها. ويتحدّث نضير لكود الذي يلعب شخصية أبو سفيان عن دوره، «الشخصية كانت محل خلاف حول إيمانها، أو وقوعها في النفاق، لكن العمل يطرح اعتناق أبو سفيان الإسلام حقيقة، بل تقديمه عينيه فداءً لهذا الدين وتكفيراً عن ذنوبه أيام كان مشركاً، ذلك في معركتين خاضهما إلى جانب المسلمين».


معارك درامية... وأخرى حقيقية

تدور كاميرا المخرج محمود الدوايمة (الصورة) لتصوّر أحداث «رايات الحق» في أكثر من منطقة سورية، من الساحل (وادي قنديل) إلى ريف دمشق (الصبورة) وصولاً إلى البادية (تدمر). لكن المفاجئ كان اندلاع معركة حقيقة خلال تصوير المسلسل جمعت بين فريق الكومبارس، وهم من أهل المنطقة التي يجري التصوير فيها، وفريق الخيالة الذين تبادلوا ضرب الرماح والسيوف مع الكومبارس. وقد تركت المعركة أثرها الواضح على الشيف المرافق للعمل ومساعده اللذين نقلا إلى المستشفى، من دون تسجيل إصابات بين نجوم العمل. وسارعت الجهة المنتجة لإبلاغ السلطات المعنية إذ أوقفت تسعة من المقاتلين، وعادت الكاميرا للدوران بعدما توقفت لساعات معدودة إثر المعركة الحقيقية.