تونس ــ سفيان الشورابيتحتكر الحكومة التونسية مختلف وسائل الإعلام. وإن أفسحت المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال، فإن الفائدة الأولى والأخيرة ستكون للمقرّبين من النظام. هكذا تقطع الطريق أمام المعارضين من التمتع بفرصة انتقاد سياستها. في هذا الإطار، أعلن أخيراً محافظ مدينة صفاقس (300 كم جنوب العاصمة تونس) عن نية مستثمرين من سكان المدينة تأسيس إذاعة خاصة تبث من صفاقس، وهي الأولى من نوعها على مستوى جنوب البلاد. ولاحقاً، كشفت مصادر إعلامية أن مدير شركة إنتاج خاصة هو مهدي بن عمر يُعدّ أحد الأطراف المساهِمة في المشروع. وصرّح بن عمر أن فكرة المشروع انطلقت منذ عام 2006 حين صاغ الملف وقدّمه إلى السلطات الإدارية في شباط (فبراير) 2006.
وأشار بن عمر إلى أنه أعدّ المشروع بمساعدة ثلاثة صحافيين هم المخرج في «إذاعة صفاقس» الحكومية عبد الجبار العيادي والصحافي في القناة الفضائية «نسمة تي في» نزار مرزوق. وأضاف أن اسم الإذاعة سيكون إما «ليال أف أم» أو«تبرورة أف أم» (الاسم الروماني لصفاقس)، مشيراً إلى أنّ كلفة الإذاعة ستبلغ قرابة 440 ألف دولار
أميركي.
لكن بقي اسمٌ واحد لم يذكره بن عمر، وهو ما يبدو أنّه سينعكس ضدّه. ففي التفاصيل الحقيقية لقصة تأسيس الإذاعة، يتبيّن وجود خلل في مكان ما. وقد علمت «الأخبار» أن الأستاذ في «الجامعة التونسية» أنور الطرابلسي تقدم في وقت سابق بطلب لإنشاء إذاعة خاصة.
ووفق الوثائق التي عرضها الطرابلسي بعد أيام من إعلان بن عمر عن إذاعته، تبيّن أن تأسيس إذاعة خاصة سيكون اسمها إما «ليال أف أم» أو «تبرورة أف أم»، هو في الأساس اقتراح
الطرابلسي.
وقد ساعده على تحضير الملفّ الأشخاص المذكورون أعلاه. وورد في رسالة «تذكير بمطلب» موجهة في شهر شباط (فبراير) 2007 إلى وزير الاتصال تنبيه من الطرابلسي من فرضية تقدّم أشخاص آخرين بملف لإنشاء إذاعة أخرى تتضمن معطيات مطابقة لملفه الذي أودعه في شهر شباط 2006. وأكد الطرابلسي لـ«الأخبار» أن إذاعته تهدف إلى «تزكية روح التسامح وثقافة السلام والانصهار الإنساني لدى المستمع».
وبعد الإعلان شبه الرسمي عن أسماء أصحاب الإذاعة الخاصة، اكتشف الطرابلسي أن أعضاء فريقه الذين شاركوه التحضير لمشروعه، اختاروا الاستيلاء عليه، وحظي مطلبهم بالموافقة نتيجة انتمائهم إلى الحزب الحاكم. ولا يُعدّ ذلك استثناءً في تونس، فالإذاعات الخاصة الثلاث الأخرى «موزاييك أف أم» و«جوهرة أف أم» و«الزيتونة» مملوكة من رجال أعمال محسوبين على الحكومة التونسية!