سناء الخوريكتابة موازية للتاريخ الإنكليزي، خطّتها هيلاري مانتيل (الصورة، 1952) في روايتها «جحر الذئب» (Fourth Estate)، فنالت عنها «جائزة بوكر» لهذا العام. صحيح أنّ فوز الروائية البريطانية لم يأت ساحقاً (ثلاثة أصوات مقابل صوتين لأقرب منافسيها)، إلا أنّ الصحافة أثنت على خيار لجنة التحكيم. أخرجت مانتيل روايتها الـ11 والأكثر اكتمالاً، من تحت عباءة توماس كرومويل (1485 ـــــ 1540) رجل بلاط هنري الثامن الأقوى. هنا، أعطت الروائية دور البطولة للسياسي المحنّك، بعدما قضى سنين طويلة في الكومبارس. بعد مسرحية «رجل لكلِّ الفصول» لروبرت بولت، حيث يؤدي كرومويل دور «العدو البغيض» لمنافسه في البلاط توماس مور «النبيل»، وبعد مروره العرضي في«هنري الثامن» لشكسبير، أعطت هيلاري مانتيل ذلك الرجل الجدليّ فرصة ليروي الأحداث بلسانه.
تدور الأحداث في بريطانيا في عهد هنري الثامن إذاً، حين يظهر توماس كرومويل، ابن الحداد الفقير، ويبدأ بالصعود تدريجاً، قبل أن يصبح رأس الحربة في عمليّة الإصلاح الديني، وفصل الكنيسة الأنغليكانيّة عن سلطة بابا روما. تخط مانتيل ملامحه العبقريّة، وقدرته على التلاعب بالمحيطين به ومهارته في تسيير الأحداث لمصلحته. بموهبة «القاصّة المتمرسة»، كما قال رئيس لجنة التحكيم

حلّلت «جحر الذئب» مجتمع إنكلترا الهجين في القرون الوسطى وتضمّنت إحالات معاصرة

جايمس نوتي، حلّلت مانتيل في Wolf Hall مجتمع إنكلترا الهجين في القرون الوسطى، وضمَّنت بحثها التاريخي إحالات معاصرة، إذ تقول إنّ «قواعد لعبة السلطة التي وضعها ماكيافيللي واتبعها توماس كرومويل، لم تتغيّر في عصرنا».
تعمل مانتيل في الصحافة الثقافية، جذبت جمهوراً من «القراء الانتقائيين»، على حدّ تعبير صحيفة «غارديان» البريطانيّة، منذ باكورتها «كل يوم هو عيد الأمهات» (1985) مروراً بـ«تعلّم الكلام» (2003)، وهي سيرة ذاتية تروي طفولتها الأليمة. وإثر إعلان فوزها، أول من أمس، في لندن، متقدمةً على آ. س. بيات، وج. م. كويتزي، وأدام فولدز، وسايمون ماور وسارا واترز، أشارت إلى أنها ستكتب جزءاً ثانياً يتناول سقوط كرومويل. وعندما سألها الصحافيون كيف ستنفق الجائزة (50 ألف جنيه، 80 ألف دولار)، أجابت بحسّها البريطاني اللاذع: «سأنفقها على الجنس والمخدرات والروك أند رول طبعاً».